للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سمعت رسول الله في حجة الوداع، فقال: "أي يوم هذا؟ " فقالوا: اليوم الحج الأكبر (١)

وعن سعيد بن المسيب أنه قال: يوم الحج الأكبر اليوم الثاني من يوم النحر. رواه ابن أبي حاتم. وقال مجاهد أيضا: يوم الحج الأكبر أيام الحج كلها.

وكذا قال أبو عبيد، قال سفيان: "يوم الحج"، و"يوم الجمل"، و"يوم صفين" أي: أيامه كلها.

وقال سهل السراج: سئل الحسن البصري عن يوم الحج الأكبر، فقال: ما لكم وللحج الأكبر، ذاك عام حج فيه أبو بكر، الذي استخلفه رسول الله فحج بالناس. رواه ابن أبي حاتم.

وقال ابن جرير: حدثنا ابن وَكِيع، حدثنا أبو أسامة، عن ابن عون: سألت محمدا -يعني ابن سيرين -عن يوم الحج الأكبر فقال: كان يوما وافق فيه حج رسول الله حج أهل الوبر (٢)

﴿إِلا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (٤)

هذا استثناء من ضرب مدة التأجيل بأربعة أشهر، لمن له عهد مطلق ليس بمؤقت، فأجله، أربعة أشهر، يسيح في الأرض، يذهب فيها لينجو بنفسه حيث شاء، إلا من له عهد مؤقت، فأجله إلى مدته المضروبة التي عوهد عليها، وقد تقدمت الأحاديث: "ومن كان له عهد مع رسول الله فعهده إلى مدته" وذلك بشرط ألا ينقض المعاهد عهده، ولم يظاهر على المسلمين أحدا، أي: يمالئ عليهم من سواهم، فهذا الذي يوفى له بذمته وعهده (٣) إلى مدته؛ ولهذا حرض (٤) الله تعالى على الوفاء بذلك فقال: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) أي: الموفين بعهدهم.

﴿فَإِذَا انْسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥)

اختلف المفسرون في المراد بالأشهر الحرم هاهنا، ما هي؟ فذهب ابن جرير إلى أنها [الأربعة] (٥) المذكورة في قوله تعالى: ﴿مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ﴾ الآية [التوبة: ٣٦]، قاله أبو جعفر الباقر، لكن قال ابن جرير: آخر الأشهر الحرم في حقهم المحرم وهذا الذي ذهب إليه حكاه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، وإليه ذهب الضحاك أيضًا، وفيه نظر،


(١) رواه الترمذي في السنن برقم (٢١٥٩) عن هناد عن أبي الأحوص به بأطول منه، وقال: "هذا حديث حسن صحيح".
(٢) تفسير الطبري (١٤/ ١٢١).
(٣) في ت: "بعهده وذمته".
(٤) في ت: "فرض".
(٥) زيادة من ت، أ.