للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

المحمود في الأول و [في] (١) الآخر، في الحياة الدنيا وفي الآخرة، في جميع الأحوال؛ ولهذا جاء في الحديث: "إن أهل الجنة يُلْهَمُونَ التسبيح والتحميد كما يُلْهَمُونَ النَّفَس" (٢) وإنما يكون ذلك كذلك لما يرون من تضاعف نعم الله عليهم، فتكرّر (٣) وتعاد وتزاد، فليس لها انقضاء ولا أمد، فلا إله إلا هو ولا رب سواه.

﴿وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (١١)

يخبر تعالى عن حلمه ولطفه بعباده: أنه لا يستجيب لهم (٤) إذا دعوا على أنفسهم أو أموالهم أو أولادهم (٥) في حال ضجرهم وغضبهم، وأنه يعلم منهم عدم القصد إلى إرادة ذلك، فلهذا لا يستجيب (٦) لهم -والحالة هذه -لطفا ورحمة، كما يستجيب لهم إذا دعوا لأنفسهم أو لأموالهم وأولادهم بالخير والبركة والنماء؛ ولهذا قال: (وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ) (٧) أي: لو استجاب لهم كل ما دعوه به في ذلك، لأهلكهم، ولكن لا ينبغي الإكثار من ذلك، كما جاء في الحديث الذي رواه الحافظ أبو بكر البزار في مسنده:

حدثنا محمد بن مَعْمَر، حدثنا يعقوب بن محمد، حدثنا حاتم بن إسماعيل، حدثنا يعقوب بن مجاهد أبو حَزْرَة عن عبادة بن الوليد، حدثنا جابر قال: قال رسول الله : "لا تدعوا على أنفسكم، لا تدعوا على أولادكم، لا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة فيها إجابة فيستجيب (٨) لكم".

ورواه أبو داود، من حديث حاتم بن إسماعيل، به. (٩)

وقال البزار: [و] (١٠) تفرد به عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت الأنصاري، لم يشاركه أحد فيه، وهذا كقوله تعالى: ﴿وَيَدْعُ الإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الإِنْسَانُ عَجُولا﴾ [الإسراء: ١١].

وقال مجاهد في تفسير هذه الآية: (وَلَوْ (١١) يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ) هو قول الإنسان لولده وماله إذا غضب عليه: "اللهم لا تبارك فيه والعنه". فلو يعجل لهم الاستجابة في


(١) زيادة من ت.
(٢) رواه مسلم في صحيحه برقم (٢٨٣٥) من حديث جابر .
(٣) في ت، أ: "فيكرر".
(٤) في ت: "لا يستحب منهم"، وفي أ: "لا يستجيب منهم".
(٥) في ت، أ: "وأموالهم وأولادهم".
(٦) في ت: "لا يستحب".
(٧) في ت: "تعجل".
(٨) في ت: "فيستحب".
(٩) سنن أبي داود برقم (١٥٣٢) ورواه مسلم في صحيحه برقم (٣٠٠٩) بأطول منه من طريق حاتم بن إسماعيل.
(١٠) زيادة من ت.
(١١) في ت: ولولا.