للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أبا (١) سفيان ومن معه، فيما سأله من صفة النبي ، قال: هل (٢) كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ قال أبو سفيان: فقلت: لا -وقد كان أبو سفيان إذ ذاك رأس الكفرة وزعيم المشركين، ومع هذا اعترف (٣) بالحق:

وَالفَضْلُ ما شَهدَتْ به الأعداءُ

فقال له هرقل: فقد أعرف (٤) أنه لم يكن ليدَعَ الكذب على الناس ثم يذهب فيكذب على الله. (٥)!

وقال جعفر بن أبي طالب للنجاشي ملك الحبشة: بعث الله فينا رسولا نعرف نسبه وصدقه وأمانته، وقد كانت مدة مقامه، ، بين أظهرنا (٦) قبل النبوة أربعين سنة. وعن سعيد بن المسيب: ثلاثا وأربعين سنة. والصحيح المشهور الأول.

﴿فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ (١٧)

يقول تعالى: لا أحد أظلم ولا أعتى ولا أشد إجراما (مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا) وتَقَوّل (٧) على الله، وزعم أن الله أرسله، ولم يكن كذلك، فليس أحد أكبر جرمًا ولا أعظم ظُلما من هذا، ومثل هذا لا يخفى أمره على الأغبياء، فكيف يشتبه حال هذا بالأنبياء! فإن من قال هذه المقالة صادقا أو كاذبا، فلا بد أن الله يَنصب عليه من الأدلة على برِّه أو فُجُوره ما (٨) وأظهر من الشمس، فإن الفرق بين محمد وبين مسيلمة الكذاب [لعنه الله] (٩) لمن شاهدهما أظهر من الفرق بين وقت الضحى ووقت نصف الليل في حنْدس الظلماء، فَمِنْ سيما كل منهما وكلامه وفعاله يَستدّل من له بصيرة على صدق محمد وكذب مسيلمة الكذاب، وسَجَاح، والأسود العَنْسي. (١٠)

قال عبد الله بن سلام: لما قدم رسول الله المدينة انْجَفَل الناس، فكنت فيمن انجفل، فلما رأيته عرفت أن وجهه ليس بوجه رجل كذاب، فكان أول ما سمعته يقول: "يا أيها الناس أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، [وصلوا الأرحام] (١١) وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلون الجنة بسلام". (١٢)

ولما قَدم ضمام بن ثعلبة على رسول الله في (١٣) قومه بني سعد بن بكر قال لرسول الله فيما قال له (١٤) من رفع هذه السماء؟ قال: "الله". قال: ومن نصب هذه الجبال؟ قال: "الله". قال: ومن


(١) في ت: "لأبي".
(٢) في ت: "فهل".
(٣) في ت: "أعرف".
(٤) في ت: "أعترف".
(٥) في ت، أ: "ربه".
(٦) في ت، أ: "أضهرهم".
(٧) في ت: "ويقول".
(٨) في ت: "وما".
(٩) زيادة من أ.
(١٠) في أ: "العبسي".
(١١) زيادة من ت، أ: والمسند.
(١٢) رواه أحمد في المسند (٥/ ٤٥١) والترمذي في السنن برقم (٢٤٨٥) وقال الترمذي: "حديث صحيح".
(١٣) في أ: "من".
(١٤) في ت: "فيما قاله".