للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

كان يعبد الشمس الشمس، ويتبع من كان يعبد القمر القمر، ويتبع من كان يعبد الطواغيت الطواغيت" الحديث. (١)

وقوله: (وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ) أي: ورجعت الأمور كلها إلى الله الحكم العدل، ففصلها، وأدخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار.

(وَضَلَّ عَنْهُمْ) أي: ذهب عن المشركين (مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ) أي: ما كانوا يعبدون من دون الله افتراء عليه.

﴿قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ (٣١) فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلا الضَّلالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (٣٢) كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (٣٣)

يحتج تعالى على المشركين باعترافهم بوحدانيته وربوبيته على وحدانية الإله (٢) فقال: (قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأرْضِ) أي: من ذا الذي ينزل من السماء ماء المطر، فيشق (٣) الأرض شقًا بقدرته ومشيئته، فيخرج منها ﴿حَبًّا * وَعِنَبًا وَقَضْبًا * وَزَيْتُونًا وَنَخْلا * وَحَدَائِقَ غُلْبًا * وَفَاكِهَةً وَأَبًّا﴾ [عبس: ٢٧ - ٣١]، أإله مع الله؟ فسيقولون: الله، ﴿أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ﴾ [الملك: ٢١]؟، وكذلك قوله: (أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأبْصَارَ) [يونس: ٣١]؟ (٤)؟ أي: الذي وهبكم هذه القوة السامعة، والقوة الباصرة، ولو شاء لذهب بها وسلبكم إياها، كما قال تعالى: ﴿قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلا مَا تَشْكُرُونَ﴾ [الملك: ٢٣]، وقال ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ﴾ [الأنعام: ٤٦].

وقوله: (وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ) أي: بقدرته العظيمة، ومنته العميمة، وقد تقدم ذكر الخلاف في ذلك، وأن الآية عامة في ذلك كله.

وقوله: (وَمَنْ يُدَبِّرُ الأمْرَ) أي: من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه، وهو المتصرف الحاكم الذي لا معقب لحكمه، ولا يُسأل عما يفعل وهم يُسْألُون، ﴿يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ﴾ [الرحمن: ٢٩]، فالملك كله العلوي والسفلي، وما فيهما من ملائكة وإنس وجان، فقيرون إليه، عبيد له، خاضعون لديه، (فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ) أي: هم يعلمون ذلك


(١) رواه مسلم في صحيحه برقم (١٨٢) من حديث أبي هريرة .
(٢) في ت، أ: "وحدانيته الإلهية".
(٣) في ت، أ: "ويشق".
(٤) في أ: "قل من" وهو خطأ.