للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وتقول: هذه صُرُم، وتحرمها (١) عليك وعلى أهلك؟ " قال: نعم. قال: "فإن ما آتاك الله لك حل، وساعد الله أشد من ساعدك، وموسى الله أحد من موساك" وذكر تمام الحديث. (٢)

ثم رواه عن سفيان بن عيينة، عن أبي الزعراء عمرو بن عمرو، عن عمه أبي الأحوص (٣) وعن بَهْز بن أسد، عن حماد بن سلمة، عن عبد الملك بن عمير، عن أبي الأحوص، به (٤) وهذا حديث جيد قوي الإسناد.

وقد أنكر [الله] (٥) تعالى على من حَرّم ما أحل الله، أو أحل ما حرم بمجرد الآراء والأهواء، التي (٦) لا مستند لها ولا دليل عليها. ثم توعدهم على ذلك يوم القيامة، فقال: (وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَة) أي: ما ظنهم أن يُصنَع بهم يوم مرجعهم إلينا يوم القيامة.

وقوله: (إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ) قال ابن جرير: في تركه معاجلتهم (٧) بالعقوبة في الدنيا.

قلت: ويحتمل أن يكون المراد لذو فضل على الناس فيما أباح لهم مما خلقه من المنافع في الدنيا، ولم يحرم عليهم إلا ما هو ضار لهم في دنياهم أو دينهم.

(وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ) بل يحرمون ما أنعم الله [به] (٨) عليهم، ويضيقون على أنفسهم، فيجعلون بعضا حلالا وبعضا حراما. وهذا قد وقع فيه المشركون فيما شرعوه لأنفسهم، وأهل الكتاب فيما ابتدعوه في دينهم. وقال ابن أبي حاتم في تفسير هذه الآية: حدثنا أبي، حدثنا أحمد بن أبي الحواري، حدثنا رباح، حدثنا عبد الله بن سليمان، حدثنا موسى بن الصباح في قول الله ﷿: (إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ) قال: إذا كان يوم القيامة، يؤتى بأهل ولاية الله ﷿، فيقومون بين يدي الله ﷿ ثلاثة أصناف قال: فيؤتى برجل من الصنف الأول فيقول: عبدي، لماذا عملت؟ فيقول: يا رب: خلقت الجنة وأشجارها وثمارها وأنهارها، وحورها ونعيمها، وما أعددت لأهل طاعتك فيها، فأسهرتُ ليلي وأظمأتُ نهاري شوقا إليها. قال: فيقول الله تعالى: عبدي، إنما عملت للجنة، هذه الجنة فادخلها، ومن فضلي عليك أن أعتقتك من النار، [ومن فضلي عليك أن أدخلك جنتي] (٩) قال: فيدخل هو ومن معه الجنة.

قال: ثم يؤتى برجل من الصنف الثاني، قال: فيقول: عبدي، لماذا عملت؟ فيقول: يا رب، خلقت نارا وخلقت أغلالها وسعيرها وسمومها ويحمُومها، وما أعددت لأعدائك وأهل معصيتك فيها


(١) في ت: "حرام ويحرمها".
(٢) المسند (٣/ ٤٧٣).
(٣) المسند (٤/ ١٣٧).
(٤) المسند (٣/ ٤٧٣).
(٥) زيادة من ت، أ.
(٦) في أ: "الذي".
(٧) في ت: "معالجتهم".
(٨) زيادة من ت، أ.
(٩) زيادة من ت، أ.