للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فيفتنوا (١) بذلك. هكذا روي عن أبي مِجْلَز، وأبي الضُّحى.

وقال ابن أبي نَجِيح وغيره واحد، عن مجاهد: لا تعذبنا بأيدي قوم فرعون، ولا بعذاب من عندك، فيقول قوم فرعون: لو كانوا على حق ما عذبوا، ولا سُلِّطنا عليهم، فيفتنوا (٢) بنا.

وقال عبد الرزاق: أنبأنا ابن عُيَيْنَةَ، عن ابن نَجِيح، عن مجاهد: (رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) [أي] (٣) لا تسلطهم علينا، فيفتنونا.

(وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ) أي: خلصنا برحمة منك وإحسان، (مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) أي: الذين كفروا الحق وستروه، ونحن قد آمنا بك وتوكلنا عليك.

﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (٨٧)

يذكر تعالى سبب إنجائه بني إسرائيل من فرعون وقومه، وكيفية خلاصهم منهم (٤) وذلك أن الله تعالى أمر موسى وأخاه هارون، (أَنْ تَبَوَّءَا) أي: يتخذا لقومهما بمصر بيوتا.

واختلف المفسرون في معنى قوله تعالى: (وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً) (٥) فقال الثوري وغيره، عن خُصَيْف، عن عِكْرِمة، عن ابن عباس: (وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً) قال: أمرُوا أن يتخذوها مساجد.

وقال الثوري أيضا، عن ابن منصور، عن إبراهيم: (وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً) قال: كانوا خائفين، فأمروا أن يصلوا في بيوتهم.

وكذا قال مجاهد، وأبو مالك، والربيع بن أنس، والضحاك، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وأبوه زيد بن أسلم: وكأن هذا -والله أعلم -لما اشتد بهم البلاء من قبَل فرعون وقومه، وضيقوا عليهم، أمروا بكثرة الصلاة، كما قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ﴾ [البقرة: ١٥٣]. وفي الحديث: كان رسول الله إذا حزبه أمر صلى. أخرجه أبو داود. (٦) ولهذا (٧) قال تعالى في هذه الآية: (وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) أي: بالثواب والنصر القريب.

وقال العوفي، عن ابن عباس، في تفسير هذه الآية قال: قالت بنو إسرائيل لموسى، : لا نستطيع أن نظهر صلاتنا مع الفراعنة، فأذن الله تعالى لهم أن يصلوا في بيوتهم، وأمروا أن يجعلوا بيوتهم قبل القبلة. وقال مجاهد: (وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً) قال: لما خاف بنو إسرائيل من


(١) في ت، أ: "فيفتتنوا".
(٢) في ت، أ: "فيفتتنوا".
(٣) زيادة من ت، أ.
(٤) في أ: "منه".
(٥) في ت: "وجعلوا".
(٦) سنن أبي داود برقم (١٣١٩) من حديث حذيفة، .
(٧) في ت، أ: "وكذا".