للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أنه لا خير فيهم، ولا يجيء منهم شيء كما دعا نوح، ، فقال: ﴿رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا * إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلا فَاجِرًا كَفَّارًا﴾ [نوح: ٢٦، ٢٧]؛ ولهذا استجاب الله تعالى لموسى، ، فيهم (١) هذه الدعوة، التي أمَّنَ عليها أخوه هارون، فقال تعالى: ﴿قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا﴾

قال أبو العالية، وأبو صالح، وعكرمة، ومحمد بن كعب القرظي، والربيع بن أنس: دعا موسى وأمَّنَ هارون، أي: قد أجبناكما فيما سألتما من تدمير آل فرعون.

وقد يحتج بهذه الآية من يقول: "إن تأمين المأموم على قراءة الفاتحة يُنزل منزلة (٢) قراءتها؛ لأن موسى دعا وهارون أمن".

﴿قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ (٨٩)

وقال تعالى: (قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا [وَلا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ]) (٣) أي: كما أجيبت دعوتكما فاستقيما على أمري.

قال ابن جُرَيْج، عن ابن عباس: (فَاسْتَقِيمَا) فامضيا لأمري، وهي الاستقامة. قال ابن جريج: يقولون: إن فرعون مكث بعد هذه الدعوة أربعين سنة.

وقال محمد بن علي بن الحسين: أربعين يوما.

﴿وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٩٠) آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (٩١) فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ (٩٢)

يذكر تعالى كيفية إغراقه فرعون وجنوده؛ فإن بني إسرائيل لما خرجوا من مصر صحبة موسى، ، وهم -فيما قيل -ستمائة ألف مقاتل سوى الذرية، وقد كانوا استعاروا من القبط حُلِيّا كثيرا، فخرجوا به معهم، فاشتد حَنَق فرعون عليهم، فأرسل في المدائن حاشرين يجمعون له جنوده من أقاليمه، فركب وراءهم في أبهة عظيمة، وجيوش هائلة لما يريده الله تعالى بهم، ولم يتخلف عنه أحد ممن له دولة وسلطان في سائر مملكته، فلحقوهم وقت شروق الشمس، ﴿فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ﴾ [الشعراء: ٦١] وذلك أنهم لما انتهوا إلى ساحل البحر، وأدركهم فرعون، ولم يبق إلا أن يتقاتل (٤) الجمعان، وألح أصحاب موسى، ، عليه في السؤال كيف المخلص مما نحن فيه؟ فيقول: إني أمرت أن أسلك هاهنا، ﴿كَلا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ [الشعراء: ٦٢]


(١) في ت: "فيما".
(٢) في ت: "يتنزل منزلة".
(٣) زيادة من أ، وفي هـ: "الآية".
(٤) في أ: "أن يتقابل".