للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقد جاء في الصحيح: أن رسول الله قال لسعد: "وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله، إلا أجِرْت بها، حتى ما تجعل في فِي (١) امرأتك" (٢).

وقال ابن جرير: حدثت عن المسيب بن شريك، عن أبي بكر، عن سعيد بن جُبير، عن ابن مسعود في قوله: (وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ) قال: من عمل سيئة كتبت عليه سيئة، ومن عمل حسنة كتبت له عشر حسنات. فإن عوقب بالسيئة التي كان عملها في الدنيا بقيت له عشر حسنات، وإن لم يعاقب بها في الدنيا أخذ من الحسنات العشر واحدة وبقيت له تسع حسنات. ثم يقول: هلك من غلب آحاده أعشاره (٣).

وقوله: (وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ) هذا تهديد شديد لمن تولى عن أوامر الله تعالى، وكذب رسله، فإن العذاب يناله يوم معاده (٤) لا محالة، (إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ) أي: معادكم يوم القيامة، (وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) أي: وهو القادر على ما يشاء من إحسانه إلى أوليائه، وانتقامه من أعدائه، وإعادة (٥) الخلائق يوم القيامة، وهذا مقام الترهيب، كما أن الأول مقام ترغيب.

﴿أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (٥)

قال ابن عباس: كانوا يكرهون أن يستقبلوا السماء بفروجهم، وحال وقاعهم، فأنزل الله هذه الآية. رواه البخاري من حديث ابن جُرَيْج، عن محمد بن عباد بن جعفر؛ أن ابن عباس قرأ: "أَلا إِنِّهُمْ تَثْنوني (٦) صُدُورهُم"، فقلت: يا أبا عباس، ما تثنوني (٧) صدورهم؟ قال: الرجل كان يجامع امرأته فيستحيي -أو: يتخلى فيستحيي فنزلت: "أَلا إِنِّهُمْ تَثْنوني (٨) صُدُورهُم".

وفي لفظ آخر له: قال ابن عباس: أناس كانوا يستحيون أن يتخلوا، فيفضوا إلى السماء، وأن يجامعوا نساءهم فيفضوا إلى السماء، فنزل ذلك فيهم.

ثم قال: حدثنا الحميدي، حدثنا سفيان، حدثنا عمرو قال: قرأ (٩) ابن عباس "أَلا إِنِّهُمْ يَثْنوني صُدُورهُم لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلا حِينَ يَسْتغْشُونَ ثِيَابَهُم".


(١) في ت، أ: "في فم".
(٢) صحيح البخاري برقم (٦٣٧٣) وصحيح مسلم برقم (١٦٢٨).
(٣) تفسير الطبري (١٥/ ٢٣١).
(٤) في ت: "معاذه".
(٥) في ت، أ: "وإعادته".
(٦) في ت، أ: "تثنون".
(٧) في ت، أ: "تثنون".
(٨) في ت، أ: "يثنون".
(٩) في ت: "قال".