للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فجعل الماء ينقص ويَغيض ويُدْبِرُ، وكان استواء الفلك على الجودي، فيما يزعم أهل التوراة، في الشهر السابع لسبع عشرة ليلة مضت منه، وفي أول يوم من الشهر العاشر، رُئي رءوس الجبال. فلما مضى بعد ذلك أربعون يومًا، فتح نوح كُوّة الفُلْك التي ركب (١) فيها، ثم أرسل الغرابَ لينظر له ما صنع الماء، فلم يرجع إليه. فأرسل الحمامة فرجعت إليه، لم تجد لرجليها موضعا، فبسط يده للحمامة فأخذها فأدخلها. ثم مضى (٢) سبعة أيام، ثم أرسلها لتنظر له. فرجعت حين أمست، وفي فيها وَرَق زيتون (٣) فعلم نوح أن الماء قد قَلّ عن وجه الأرض. ثم مكث سبعة أيام، فلم ترجع، فعلم نوح أن الأرض قد بَرَزَت، فلما كملت السنة فيما بين أن أرسل الله الطوفان إلى أن أرسل نوح الحمامة، ودخل يوم واحد من الشهر الأول من سنة اثنتين، برز وجه الأرض، وظهر اليَبَس (٤) وكشف نوح غطاء الفلك ورأى وجه الأرض، وفي الشهر الثاني من سنة اثنتين، في سبع وعشرين ليلة منه (قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا [وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ]) (٥) [إلى آخر] (٦) الآية (٧).

﴿تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ (٤٩)

يقول تعالى لنبيه [ورسوله محمد] (٨) (٩). هذه القصة وأشباههَا (١٠) (مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ) يعني: من أخبار الغيوب السالفة نوحيها إليك على وجهها [وجليتها] (١١)، كأنك شاهدها (١٢)، (نُوحِيهَا إِلَيْكَ) أي: نعلمك بها وحيا (١٣) منا إليك، (مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا) أي: لم يكن عندك ولا عند أحد من قومك علم بها، حتى يقول من يكذبك: إنك تعلمتها (١٤) منه، بل أخبرك الله بها مطابقة لما كان عليه الأمر الصحيح، كما تشهد به كتب الأنبياء قبلك، فاصبر على تكذيب من كذبك من قومك، وأذاهم لك، فإنا سننصرك (١٥) ونحوطك بعنايتنا، ونجعل العاقبة لك ولأتباعك في الدنيا والآخرة، كما فعلنا [بإخوانك] (١٦) بالمرسلين (١٧) حيث نصرناهم على أعدائهم ﴿إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا [فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ * يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ][غافر: ٥١ - ٥٢]


(١) في ت، أ: "صنع".
(٢) في ت، أ: "مضت".
(٣) في ت: "زيتونة".
(٤) في ت: "النسر"، وفي أ: "البشر".
(٥) زيادة من ت، أ.
(٦) زيادة من ت، أ.
(٧) تفسير الطبري (١٥/ ٣٣٨).
(٨) زيادة من ت، أ.
(٩) في أ: "صلوات الله وسلامه عليه".
(١٠) في ت: "وما أشبهها".
(١١) زيادة من ت، أ.
(١٢) في ت: "مشاهد لها".
(١٣) في ت: "بوحي".
(١٤) في أ: "تعلمها".
(١٥) في ت: "سنؤيدك: ونبصرك"، وفي أ: "فإنا سنؤيدك".
(١٦) زيادة من ت، أ.
(١٧) في ت، أ: "من المرسلين".