للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

حَنِيذ: [وهو] (١) مَشْوي [شيًا ناضجًا] (٢) على الرّضْف، وهي الحجارة المُحْماة.

هذا معنى ما روي عن ابن عباس [ومجاهد] (٣) وقتادة [والضحاك، والسدي] (٤) وغير واحد، كما قال في الآية الأخرى: ﴿فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ * فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلا تَأْكُلُونَ﴾ [الذاريات: ٢٦، ٢٧].

وقد تضمَّنت هذه الآية آداب الضيافة من وجوه كثيرة.

وقوله: (فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ) تَنَكرهم، (وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً) وذلك أن الملائكة لا همة لهم إلى الطعام ولا يشتهونه ولا يأكلونه؛ فلهذا رأى حالهم معرضين (٥) عما جاءهم به، فارغين عنه بالكلية فعند ذلك نَكرهم، (وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً).

قال السدّي: لما بعث الله الملائكة لقوم لوط (٦) أقبلت تمشي في صُور رجال شبان (٧) حتى نزلوا على إبراهيم فتضيفوه، فلما رآهم [إبراهيم] (٨) أجَلَّهم، ﴿فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ﴾ فذبحه ثم شواه في الرضف (٩). [فهو الحنيذ حين شواه] (١٠) وأتاهم به فقعد معهم، وقامت سارة تخدمهم (١١) فذلك حين يقول: "وامرأته قائمة وهو جالس" في قراءة ابن مسعود: "فلما قَربه إليهم قال ألا تأكلون قالوا: يا إبراهيم إنا لا نأكل طعاما إلا بثمن. قال فإن لهذا ثمنا. قالوا (١٢) وما ثمنه؟ قال: تذكرون اسم الله على أوله، وتحمدونه على آخره فنظر جبريل إلى ميكائيل فقال: حُق لهذا أن يتخذه ربه خليلا"، (فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ) يقول: فلما رآهم لا يأكلون فزع منهم، وأوجس منهم خيفة، فلما نظرت إليه (١٣) سارة أنه قد أكرمهم وقامت هي تخدمهم، ضحكت وقالت: عجبا لأضيافنا هؤلاء، [إنا] (١٤) نخدمهم بأنفسنا كرامة (١٥) لهم، وهم لا يأكلون طعامنا.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن الحسين، حدثنا نصر بن علي، [حدثنا] (١٦) نوح بن قيس، عن عثمان بن مِحْصن في ضيف إبراهيم قال: كانوا أربعة: جبريل، وميكائيل، وإسرافيل، ورفائيل. قال نوح بن قيس: فزعم نوح بن أبي شداد أنهم لما دخلوا على إبراهيم، فقرب إليهم العجل، مسحه جبريل بجناحه، فقام يدرج حتى لحق بأمه، وأم العجل في الدار.

وقوله تعالى إخبارا عن الملائكة: (قَالُوا لا تَخَفْ [إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ * وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ]) (١٧) أي قالوا: لا تخف منا، إنا ملائكة أرسلنا إلى قوم لوط لنهلكهم (١٨). فضحكت (١٩) سارة استبشارًا [منها] (٢٠) بهلاكهم، لكثرة فسادهم، وغِلَظ كفرهم وعنادهم، فلهذا جوزيت بالبشارة


(١) زيادة من ت، أ.
(٢) زيادة من ت، أ.
(٣) زيادة من ت، أ.
(٤) زيادة من ت، أ.
(٥) في ت، أ: "معرضا".
(٦) في ت، أ: "الملائكة لمهلك قوم لوط".
(٧) في ت، أ: "شباب".
(٨) زيادة من ت، أ.
(٩) في ت: "الرصف".
(١٠) زيادة من ت، أ.
(١١) في ت، أ: "عليهم".
(١٢) في ت: "قال".
(١٣) في ت: "إليهم".
(١٤) زيادة من ت، أ.
(١٥) في ت: "تكرمة".
(١٦) زيادة من ت، أ.
(١٧) زيادة من ت، أ.
(١٨) في ت: "إلى قوم لوط لندمر عليهم ونهلكهم كما ذكر في الآية الأخرى".
(١٩) في ت: "وضحكت".
(٢٠) زيادة من ت، أ.