للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يخبر تعالى بألطافه بيوسف، ، أنه قيض له الذي اشتراه من مصر، حتى اعتنى به وأكرمه، وأوصى أهله به، وتوسم فيه الخير والفلاح، فقال لامرأته: (أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا) وكان الذي اشتراه من مصر عزيزها، وهو الوزير بها. [قال] (١) العوفي، عن ابن عباس: وكان اسمه قطفير.

وقال محمد بن إسحاق: اسمه إطفير (٢) بن روحيب، وهو العزيز، وكان على خزائن مصر، وكان الملك يومئذ الريَّان بن الوليد، رجل من العماليق قال: واسم امرأته راعيل بنت رعائيل.

وقال غيره: اسمها زليخا.

وقال محمد بن إسحاق أيضا، عن محمد بن السائب، عن أبي صالح، عن ابن عباس: كان الذي باعه بمصر مالك بن دعر بن بُويب (٣) بن عنقا بن مديان بن إبراهيم، فالله أعلم.

وقال أبو إسحاق، عن أبي عبيدة، عن عبد الله بن مسعود أنه قال: أفرس الناس ثلاثة: عزيز مصر حين قال لامرأته: (أَكْرِمِي مَثْوَاهُ) والمرأة التي قالت لأبيها [عن موسى] (٤): ﴿يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ﴾ [القصص: ٢٦] وأبو بكر الصديق حين استخلف عمر بن الخطاب، (٥).

يقول تعالى: وكما أنقذنا يوسف من إخوته، (وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأرْضِ) يعني: بلاد مصر، (وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الأحَادِيثِ) قال مجاهد والسدي: هو تعبير الرؤيا، (وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ) أي (٦) إذا أراد شيئا فلا يرد ولا يمانع ولا يخالف، بل هو الغالب لما سواه.

قال سعيد بن جبير في قوله: (وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ) أي: فعال لما يشاء.

وقوله: (وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) يقول: لا يدرون حكمته في خلقه، وتلطفه لما يريد (٧).

وقوله: (وَلَمَّا بَلَغَ) أي: يوسف (أَشُدَّهُ) أي: استكمل عقله (٨) وتم خلقه. (آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا) يعني: النبوة، إنه حباه بها بين أولئك الأقوام، (وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) أي: إنه كان محسنًا في عمله، عاملا بطاعة ربه تعالى.

وقد اختُلِف في مقدار المدة التي بلغ فيها أشده، فقال ابن عباس ومجاهد وقتادة: ثلاث وثلاثون. وعن ابن عباس: بضع وثلاثون. وقال الضحاك: عشرون. وقال الحسن: أربعون سنة. وقال عكرمة: خمس وعشرون سنة. وقال السدي: ثلاثون سنة. وقال سعيد بن جبير: ثمانية عشرة سنة. وقال الإمام مالك، وربيعة، وزيد بن أسلم، والشعبي: الأشد الحلم. وقيل غير ذلك،


(١) زيادة من ت، أ.
(٢) في ت: "إظفير".
(٣) في ت: "نويب".
(٤) زيادة من أ.
(٥) رواه الطبري في تفسيره (١٦/ ١٩).
(٦) في أ: "فهو".
(٧) في ت، أ: "يريده".
(٨) في أ: "خلقه".