للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِأَرْبَعَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ، وَعَاصِمَ بْنَ عَدِيٍّ أَخَا بَنِي الْعَجْلَانِ، وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَغَّبَ فِي الصَّدَقَاتِ، وَحَضَّ عَلَيْهَا، فَقَامَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فَتَصَدَّقَ بِأَرْبَعَةِ آلَافٍ، وَقَامَ عَاصِمٌ فَتَصَدَّقَ بِمِائَةِ وَسَقٍ مِنْ تَمْرٍ، فَلَمَزُوهُمَا وَقَالُوا: مَا هَذَا إِلَّا رِيَاءٌ. وَكَانَ الَّذِي تَصَدَّقَ بِجُهْدِهِ: أَبُو عَقِيلٍ أَخُو بَنِي أُنَيْفٍ الْإِرَاشِيُّ حَلِيفُ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، أَتَى بِصَاعٍ مِنْ تَمْرٍ فَأَفْرَغَهُ فِي الصَّدَقَةِ، فَتَضَاحَكُوا بِهِ وَقَالُوا: إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنْ صَاعِ أَبِي عَقيل.

وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ: حَدَّثَنَا طَالُوتُ بْنُ عَبَّادٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانة، عَنْ عُمَرَ (١) بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تَصَدَّقُوا فَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَبْعَثَ بَعْثًا". قَالَ: فَجَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عِنْدِي أَرْبَعَةُ آلَافٍ، أَلْفَيْنِ أُقْرِضُهُمَا رَبِّي، وَأَلْفَيْنِ لِعِيَالِي. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِيمَا أَعْطَيْتَ (٢) وَبَارَكَ لَكَ فِيمَا أَمْسَكْتَ". وَبَاتَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَأَصَابَ صَاعَيْنِ مِنْ تَمْرٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَصَبْتُ صَاعَيْنِ مِنْ تَمْرٍ: صَاعٌ أُقْرِضُهُ (٣) لِرَبِّي، وَصَاعٌ لِعِيَالِي. قَالَ: فَلَمَزَهُ الْمُنَافِقُونَ وَقَالُوا: مَا أَعْطَى الَّذِي أَعْطَى ابْنُ عَوْفٍ إِلَّا رِيَاءً! وَقَالُوا: أَلَمْ يَكُنِ اللَّهُ وَرَسُولُهُ غَنِيَّيْنِ عَنْ صَاعِ هَذَا؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ [سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ] } (٤) الْآيَةَ (٥)

ثُمَّ رَوَاهُ عَنْ أَبِي كَامِلٍ، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ مُرْسَلًا (٦) قَالَ: وَلَمْ يُسْنِدْهُ أَحَدٌ إِلَّا طَالُوتُ.

وَقَالَ الْإِمَامُ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الحُبَاب، عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ، حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَقِيلٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: بِتُّ أَجُرُّ الْجَرِيرَ عَلَى ظَهْرِي، عَلَى صَاعَيْنِ مِنْ تَمْرٍ، فَانْقَلَبْتُ بِأَحَدِهِمَا إِلَى أَهْلِي يَتَبَلَّغُونَ بِهِ، وَجِئْتُ بِالْآخَرِ أَتَقَرَّبُ [بِهِ] (٧) إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: "انْثُرْهُ فِي الصَّدَقَةِ". قَالَ: فَسَخِرَ الْقَوْمُ وَقَالُوا: لَقَدْ كَانَ اللَّهُ غَنِيًّا عَنْ صَدَقَةِ هَذَا الْمِسْكِينِ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ} الآيتين (٨)


(١) في أ: "عمرو".
(٢) في ك: "أعطيته".
(٣) في ت: "أقرضته".
(٤) زيادة من ت، ك، أ.
(٥) مسند البزار برقم (٢٢١٦) "كشف الأستار" وقال الهيثمي في المجمع (٧/٣٢) : "وفيه عمرو بن أبي سلمة، وثقه العجلي، وأبو خيثمة وابن حبان وضعفه شعبة وغيره، وبقية رجالهما ثقات".
(٦) مسند البزار برقم (٢٢١٦) "كشف الأستار" قال الحافظ ابن حجر في الفتح (٨/٣٣٢) بعد أن ساق هذه الرواية المرسلة: "وكذلك أخرجه عَبْدِ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أبي عوانة، وأخرجه ابن أبي حاتم والطبري وابن مردويه من طرق أخرى عن أبي عوانة مرسلا".
(٧) زيادة من ت، أ، والطبري.
(٨) تفسير الطبري (١٤/٣٨٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>