للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بجميع الأرض وما حولها من الماء والهواء من جميع نواحيها وجهاتها (١) وأرجائها، مرتفعة عليها من كل جانب على السواء، وبعد ما بينها وبين الأرض من كل ناحية مسيرة خمسمائة عام، وسمكها في نفسها مسيرة خمسمائة عام. ثم السماء الثانية محيطة بالسماء الدنيا وما حوت، وبينها وبينها من البعد مسيرة خمسمائة عام، وسمكها خمسمائة عام، ثم السماء الثالثة محيطة (٢) بالثانية، بما فيها، وبينها (٣) وبينها خمسمائة عام، وسمكها خمسمائة عام، وكذا الرابعة والخامسة والسادسة والسابعة، كما قال [الله] (٤) تعالى: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا﴾ [الطلاق: ١٢] وفي الحديث: "ما السماواتُ السبع وما فيهنّ وما بينهن في الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فَلاة، والكرسي في العرش كتلك (٥) الحلقة في تلك الفلاة (٦) وفي رواية: "والعرش لا يقدر قدره إلا الله، ﷿، وجاء عن بعض السلف أن بعد ما بين العرش إلى الأرض مسيرة خمسين ألف سنة، وبعد ما بين قطريه مسيرة خمسين ألف سنة، وهو من ياقوتة حمراء.

وقوله: (بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا) روي عن ابن عباس، ومجاهد، والحسن، وقتادة: أنهم: قالوا: لها عَمَد ولكن لا ترى.

وقال إياس بن معاوية: السماء على الأرض مثل القبة، يعني بلا عمد. وكذا روي عن قتادة، وهذا هو اللائق بالسياق. والظاهر من قوله تعالى: ﴿وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الأَرْضِ إِلا بِإِذْنِهِ﴾ [الحج: ٦٥] فعلى هذا يكون قوله: (ترونها) تأكيدا لنفي ذلك، أي: هي مرفوعة بغير عمد كما ترونها. هذا هو الأكمل في القدرة. وفي شعر أمية بن أبي الصلت الذي آمن شعره وكفر قلبه، كما ورد في الحديث (٧) ويروى لزيد بن عمرو بن نفيل، ورضي عنه:

وأنتَ الذي مِنْ فَضْل مَنٍّ وَرَحْمَة … بَعَثتَ إلى مُوسَى رَسُولا مُنَاديا

فقلت له: فاذهَبْ وهارونَ فادعُوَا … إلى الله فرْعَونَ الذي كانَ طَاغيا

وَقُولا له: هَلْ أنتَ سَوّيت هَذه … بلا [وتَد حَتَّى اطمأنت (٨) كَمَا هيا

وقُولا له: أأنتَ رَفَّعتَ هَذه … بلا] (٩) عَمَد أرْفِقْ إذَا بَِك بانيَا؟

وَقُولا لَه: هَل أنتَ سَوَّيت وَسْطَهَا … مُنيرًا إذا ما جَنَّك الليَّل هاديا


(١) في ت، أ: "جهاتها ونواحيها".
(٢) في ت: "تحيط".
(٣) في أ: "بينهما".
(٤) زيادة من أ.
(٥) في أ: "كمثل".
(٦) سبق الكلام على هذا الحديث والذي بعده مفصلا عند تفسير الآية: ٢٥٥ من سورة البقرة.
(٧) رواه ابن عبد البر في التمهيد (٤/ ٧) من طريق أبي بكر الهذلي عن عكرمة قال: قلت لابن عباس: أرأيت ما جاء عن النبي في أمية بن أبي الصلت: "آمن شعره وكفر قلبه؟ " قال: هو حق فما أنكرتم من ذلك؟. . . الحديث.
(٨) في ت أ: "استقلت"، والمثبت من سيرة ابن هشام.
(٩) زيادة من ت، أ، وسيرة ابن هشام.