للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال العوفي، عن ابن عباس: (وَمَا تَغِيضُ الأرْحَامُ) يعني: السَقْط (وَمَا تَزْدَادُ) يقول: ما زادت الرحم في الحمل على ما غاضت حتى ولدته تماما. وذلك أن من النساء من تحمل عشرة أشهر، ومنهن من تحمل تسعة أشهر، ومنهن من تزيد في الحمل، ومنهن من تنقص، فذلك الغيض (١) والزيادة التي ذكر الله تعالى، وكل ذلك بعلمه تعالى.

وقال الضحاك، عن ابن عباس في قوله: (وَمَا تَغِيضُ الأرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ) قال: ما نقصت من تسعة وما زاد عليها.

وقال الضحاك: وضعتني أمي وقد حملتني في بطنها سنتين، وولدتني وقد نبتت ثنيَّتي.

وقال ابن جُرَيْج، عن جميلة بنت سعد، عن عائشة قالت: لا يكون الحمل أكثر من سنتين، قدر ما يتحرك ظِل مغْزَل.

وقال مجاهد: (وَمَا تَغِيضُ الأرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ) قال: ما ترى من الدم في حملها، وما تزداد على تسعة أشهر. وبه قال عطية العوفي وقتادة، والحسن البصري، والضحاك.

وقال مجاهد أيضا: إذا رأت المرأة الدم دون التسعة زاد على التسعة، مثل أيام الحيض. وقاله عِكْرِمة، وسعيد بن جبير، وابن زيد.

وقال مجاهد أيضا: (وَمَا تَغِيضُ الأرْحَامُ) إراقة المرأة حتى يخس الولد (وَمَا تَزْدَادُ) إن لم تهرق المرأة تم الولد وعظم.

وقال مكحول: الجنين في بطن أمه لا يطلب، ولا يحزن ولا يغتم، وإنما يأتيه رزقه في بطن أمه من دم حيضتها (٢) فمن ثم لا تحيض الحامل. فإذا وقع إلى الأرض استهل، واستهلاله استنكار (٣) لمكانه، فإذا قطعت سرته حول الله رزقه إلى ثديي أمه حتى لا يطلب ولا يحزن ولا يغتم، ثم يصير طفلا يتناول الشيء بكفه فيأكله، فإذا هو بلغ قال: هو الموت أو القتل، أنَّى لي بالرزق؟ فيقول مكحول: يا ويلك (٤)! غَذاك وأنت في بطن أمك، وأنت طفل صغير، حتى إذا اشتددت وعقلت قلت: هو الموت أو القتل، أنى لي بالرزق؟ ثم قرأ مكحول: (اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الأرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ)

وقال قتادة: (وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ) أي: بأجل، حفظ أرزاق خلقه وآجالهم، وجعل لذلك أجلا معلومًا.

وفي الحديث الصحيح: أن إحدى بنات النبي بعثت إليه: أن ابنا لها في الموت، وأنها تحب أن يحضره. فبعث إليها يقول: "إن لله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى، فمروها


(١) في ت: "الغيظ".
(٢) في ت: "حيضها".
(٣) في ت: "استشكار".
(٤) في ت: "يا ويحك".