للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عن ابن أبي ليلى، عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جُبَيْر، عن ابن عباس: يدبر أمر السنة، فيمحو ما يشاء، إلا الشقاء والسعادة، والحياة والموت. وفي رواية: (يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ) قال: كل شيء إلا الحياة والموت، والشقاء والسعادة فإنهما قد فرغ منهما.

وقال مجاهد: (يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ) إلا الحياة والموت، والشقاء والسعادة، فإنهما لا يتغيران.

وقال منصور: سألت مجاهدا فقلت: أرأيت دعاء أحدنا يقول: اللهم، إن كان اسمي في السعداء فأثبته فيهم، وإن كان في الأشقياء فامحه عنهم واجعله في السعداء. فقال: حسن. ثم لقيته بعد ذلك بحول أو أكثر، فسألته عن ذلك، فقال: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾ [الدخان: ٣، ٤] قال: يقضي في ليلة القدر ما يكون في السَّنة من رزق أو مصيبة، ثم يقدم ما (١) يشاء ويؤخر ما (٢) يشاء، فأما كتاب الشقاوة (٣) والسعادة فهو ثابت لا يُغير (٤).

وقال الأعمش، عن أبي وائل شَقِيق بن سلمة: إنه كان يكثر أن يدعو بهذا الدعاء: اللهم، إن كنت كتبتنا أشقياء فامحه، واكتبنا سعداء، وإن كنت كتبتنا سعداء فأثبتنا، فإنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب. رواه ابن جرير (٥).

وقال ابن جرير أيضا: حدثنا عمرو بن علي، حدثنا معاذ بن هشام، حدثني أبي، عن أبي حكيمة (٦) عصمة، عن أبي عثمان النَّهْدي؛ أن عمر بن الخطاب، ، قال وهو يطوف بالبيت وهو يبكي: اللهم، إن كنت كتبت علي شقوة أو ذنبًا فامحه، فإنك تمحو ما تشاء وتثبت، وعندك أم الكتاب، فاجعله سعادة ومغفرة. (٧)

وقال حماد عن خالد الحذَّاء، عن أبي قلابة عن ابن مسعود أنه كان يدعو بهذا الدعاء أيضا.

ورواه شريك، عن هلال بن حميد، عن عبد الله بن عُكَيْم، عن ابن مسعود، بمثله.

وقال ابن جرير: حدثني المثنى، حدثنا حجاج، حدثنا خصاف، عن أبي حمزة، عن إبراهيم؛ أن كعبا قال لعمر بن الخطاب: يا أمير المؤمنين، لولا آية في كتاب الله لأنبأتك بما هو كائن إلى يوم القيامة. قال: وما هي؟ قال: قول الله تعالى: (يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ) (٨).

ومعنى هذه الأقوال: أن الأقدار ينسخ الله ما يشاء منها، ويثبت منها ما يشاء، وقد يستأنس لهذا القول (٩) بما رواه الإمام أحمد:


(١) في ت: "من".
(٢) في ت: "من".
(٣) في ت: "الشقاء".
(٤) رواه الطبري في تفسيره (١٦/ ٤٨٠).
(٥) رواه الطبري في تفسيره (١٦/ ٤٨١).
(٦) في أ: "أبي حكيم".
(٧) تفسير الطبري (١٦/ ٤٨١).
(٨) تفسير الطبري (١٦/ ٤٨٤).
(٩) في أ: "الأقوال".