للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الرجل يعمل الزمان بطاعة الله، ثم يعود لمعصية الله فيموت على ضلالة، فهو الذي يمحو -والذي يثبت: الرجل يعمل بمعصية الله، وقد كان سبق له خير حتى يموت وهو في طاعة الله، وهو الذي يثبت.

وروي عن سعيد بن جُبَير: أنها بمعنى: ﴿فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [البقرة: ٢٨٤].

وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: (يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ) يقول: يبدل ما يشاء فينسخه، ويثبت ما يشاء فلا يبدله، (وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ) يقول: وجملة ذلك عنده في أم الكتاب، الناسخ، والمنسوخ، وما يبدل، وما يثبت كل ذلك في كتاب.

وقال قتادة في قوله: (يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ) كقوله ﴿مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا﴾ [البقرة: ١٠٦]

وقال ابن أبي نَجِيح، عن مجاهد في قوله: (يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ) قال: قالت كفار قريش حين أنزلت: (وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ) ما نراك يا محمد تملك من شيء، ولقد فُرغ من الأمر. فأنزلت هذه الآية تخويفا، ووعيدًا لهم: إنا إن شئنا أحدثنا له من أمرنا ما شئنا، ونحدث في كل رمضان، فنمحو ونثبت (١) ما نشاء من أرزاق الناس ومصائبهم، وما نعطيهم، وما نقسم لهم.

وقال الحسن البصري: (يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ) قال: من جاء أجله، فَذَهَب، ويثبت الذي هو حيّ يجري إلى أجله.

وقد اختار هذا القول أبو جعفر بن جرير، .

وقوله: (وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ) قال: الحلال والحرام.

وقال قتادة: أي جملة الكتاب وأصله.

وقال الضحاك: (وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ) قال: كتاب عند رب العالمين.

وقال سُنَيد بن داود، حدثني معتمر، عن أبيه، عن سَيَّار، عن ابن عباس؛ أنه سأل كعبًا عن "أم الكتاب"، فقال: عَلِم الله، ما هو خالق، وما خَلْقُه عاملون، ثم قال (٢) لعلمه: "كن كتابا". فكانا (٣) كتابا.

وقال ابن جرير، عن ابن عباس: (وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ) قال: الذكر، [والله أعلم]. (٤)


(١) في ت، أ: "فيمحو ويثبت".
(٢) في ت، أ: "فقال".
(٣) في ت، أ: "فكان".
(٤) زيادة من أ.