للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (٥)

يقول تعالى: وكما أرسلناك يا محمد وأنزلنا عليك الكتاب، لتخرج الناس كلهم، تدعوهم إلى الخروج من الظلمات إلى النور، كذلك أرسلنا موسى في بني إسرائيل بآياتنا.

قال مجاهد: وهي التسع الآيات.

(أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ) أي: أمرناه قائلين له: (أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ) أي: ادعهم إلى الخير، ليخرجوا من ظلمات ما كانوا فيه من الجهل والضلال إلى نور الهدى وبصيرة الإيمان.

(وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ) أي: بأياديه ونعَمه عليهم، في إخراجه إياهم من أسر فرعون.

وقهره وظلمه وغشمه، وإنجائه إياهم من عدوهم، وفلقه لهم البحر، وتظليله إياهم بالغمام، وإنزاله عليهم المن والسلوى، إلى غير ذلك من النعم. قال ذلك مجاهد، وقتادة، وغير واحد.

وقد ورد فيه الحديث المرفوع الذي رواه عبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل في مسند أبيه حيث (١) قال: حدثني يحيى بن عبد الله مولى بني هاشم، حدثنا محمد بن أبان الجعفي، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبير [عن ابن عباس، عن أبي بن كعب، عن النبي في قوله : (وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ) قال: "بنعم الله "] (٢).

[ورواه ابن جرير] (٣) وابن أبي حاتم، من حديث محمد بن أبان، به (٤) ورواه عبد الله ابنه (٥) أيضا موقوفا (٦) وهو أشبه.

وقوله: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) أي: إن فيما صنعنا بأوليائنا بني إسرائيل حين أنقذناهم من يد فرعون، وأنجيناهم مما كانوا فيه من العذاب المهين، لعبرة لكل صَبَّار، أي: في الضراء، شكور، أي: في السراء، كما قال قتادة: نعم العبد، عبد إذا ابتُلِي صَبَر، وإذا أعطي شكر.

وكذا جاء في الصحيح عن رسول الله أنه قال: "إن أمر المؤمن كُلَّه عَجَب، لا يقضي الله له قضاء إلا كان خيرًا له، إن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له، وإن أصابته سراء شَكر فكان خيرا له" (٧).


(١) في هـ: "في مسنده حديث قال" والمثبت من ت، أ.
(٢) زيادة من ت، أ، والمسند.
(٣) زيادة من ت، أ.
(٤) زوائد المسند (٥/ ١٢٢) وتفسير الطبري (١٦/ ٥٢٢).
(٥) في ت: "بن أحمد".
(٦) زوائد المسند (٥/ ١٢٢).
(٧) صحيح مسلم برقم (٢٩٩٩) من حديث صهيب .