للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فِي الدُّنْيَا الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ، يَرَاهَا الْعَبْدُ أَوْ تُرَى لَهُ، وَهِيَ فِي الْآخِرَةِ الْجَنَّةُ". (١)

ثُمَّ رَوَاهُ عَنْ أَبِي كُرَيْب، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنُ عَيَّاش، عَنْ أَبِي حَصِينٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ: الرُّؤْيَا الْحَسَنَةُ بُشْرَى مِنَ اللَّهِ، وَهِيَ مِنَ الْمُبَشِّرَاتِ. (٢)

هَكَذَا رَوَاهُ مِنْ هَذِهِ الطَّرِيقِ مَوْقُوفًا.

وَقَالَ أَيْضًا: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، حَدَّثَنَا هِشَامٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الرُّؤْيَا الْحَسَنَةُ هِيَ الْبُشْرَى، يَرَاهَا الْمُسْلِمُ أَوْ تُرَى لَهُ". (٣)

وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ حَمَّادٍ الدُّولابي، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، عَنِ أَبِيهِ، عَنْ سِبَاع بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أُمِّ كُرْز الْكَعْبِيَّةِ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "ذَهَبَتِ النُّبُوَّةُ، وَبَقِيَتِ الْمُبَشِّرَاتُ". (٤)

وَهَكَذَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٍ، وعُرْوَة بْنِ الزُّبَيْرِ، وَيَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعي، وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ: أَنَّهُمْ فَسَّرُوا ذَلِكَ بِالرُّؤْيَا الصَّالِحَةِ.

وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِذَلِكَ (٥) بُشْرَى الْمَلَائِكَةِ لِلْمُؤْمِنِ عِنْدَ احْتِضَارِهِ بِالْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنزلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ} [فُصِّلَتْ: ٣٠ -٣٢] .

وَفِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ: "أَنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا حَضَرَهُ الْمَوْتُ، جَاءَهُ مَلَائِكَةٌ بِيضُ الْوُجُوهِ، بِيضُ الثِّيَابِ، فَقَالُوا: اخْرُجِي أَيَّتُهَا الرُّوحُ الطَّيِّبَةُ إِلَى رَوْحٍ وَرَيْحَانٍ، وَرَبٍّ غَيْرِ غَضْبَانَ. فَتَخْرُجُ مِنْ فَمِهِ، كَمَا تَسِيلُ الْقَطْرَةُ مِنْ فَمِ السِّقَاءِ".

وَأَمَّا بُشْرَاهُمْ فِي الْآخِرَةِ، فَكَمَا قَالَ تَعَالَى: {لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الأكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} [الْأَنْبِيَاءِ: ١٠٣] . وَقَالَ تَعَالَى: {يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [الْحَدِيدِ: ١٢] . (٦)

وَقَوْلُهُ: {لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ} أَيْ: هَذَا الْوَعْدُ لَا يُبَدَّلُ وَلَا يُخْلَفُ وَلَا يُغَيَّرُ، بَلْ هُوَ مُقَرَّرٌ مُثَبَّتٌ كَائِنٌ لَا مَحَالَةَ: {ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (٧)


(١) تفسير الطبري (١٥/١٣١) .
(٢) تفسير الطبري (١٥/١٣٠) .
(٣) تفسير الطبري (١٥/١٣٠) .
(٤) تفسير الطبري (١٥/١٣٣) ورواه ابن ماجه في السنن برقم (٣٨٩٦) من طريق هارون الحمال عن سفيان به، وقال البوصيري في الزوائد (٣/٢١٢) : "هذا إسناد صحيح رجاله ثقات" وأبو زيد لم يوثقه سوى ابن حبان، ولم يرو عنه سوى ابنه.
(٥) في ت، أ: "المراد من ذلك".
(٦) في ت: "وذلك الفوز العظيم".
(٧) في ت: "وذلك" وهو خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>