للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

داود (١).

وقد أورد الحافظ أبو بكر بن مَردُويه عند قوله تعالى: ﴿وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ﴾ الآية [الأنعام: ٩٣] حديثا مطولا جدا، من طريق غريب، عن الضحاك، عن ابن عباس مرفوعا، وفيه غرائب أيضا (٢).

﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ (٢٨) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ (٢٩) وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ (٣٠)(٣) قال البخاري: قوله: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا) ألم تعلم؟ كقوله: ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ﴾ [إبراهيم: ٢٤] ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا﴾ [البقرة: ٢٤٣] البوار: الهلاك، بار يبور بَورًا، و ﴿قَوْمًا بُورًا﴾ [الفرقان: ١٨، الفتح: ١٢] هالكين.

حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا سفيان، عن عمرو، عن عطاء سمع ابن عباس: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا) قال: هم كفار أهل مكة (٤).

وقال العوفي، عن ابن عباس في هذه الآية: هو جبلة بن الأيهم، والذين اتبعوه من العرب، فلحقوا بالروم. والمشهور الصحيح عن ابن عباس هو القول الأول، وإن كان المعنى يعم جميع الكفار؛ فإن الله تعالى بعث محمدا رحمة للعالمين، ونعمة للناس، فمن قبلها وقام بشكرها دخل الجنة، ومن ردها وكفرها دخل النار.

وقد روي عن علي نحو قول ابن عباس الأول، قال ابن أبي حاتم:

حدثنا أبي، حدثنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا شعبة، عن القاسم بن أبي بزة، عن أبي الطفيل: أن ابن الكواء سأل عليا عن (الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ) قال: كفار قريش يوم بدر.

حدثنا المنذر بن شاذان، حدثنا يعلى بن عبيد، حدثنا بسام -هو الصيرفي (٥) -عن أبي الطفيل قال: جاء رجل إلى علي فقال: يا أمير المؤمنين، من الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار


(١) سنن أبي داود برقم (٣٢٢١).
(٢) ذكره السيوطي في الدر المنثور (٣/ ٣١٨) وقال: "أخرج ابن مردويه بسند ضعيف عن ابن عباس فذكره".
(٣) تنبيه: من هذه الآية يبتدئ الاعتماد في تخريج الأحاديث والآثار في تفسير الطبري على الطبعة المصورة عن الطبعة الأميرية بعد أن كان الاعتماد على الطبعة التي حققها الفاضلان الشيخ أحمد شاكر والأستاذ محمود شاكر في ستة عشر مجلدا وطبعت في دار المعارف، والله أسأل أن يقيض لهذا الكتاب من يكمل تحقيقه فهو من أعظم كتب التفسير وأجلها، والله المستعان.
(٤) صحيح البخاري برقم (٤٧٠٠).
(٥) في ت: "الصرفي".