للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فصوبها، فهبطا. قال: فهو قول الله، ﷿: (وإن كاد مكرهم لتزول منه الجبال). قال أبو إسحاق: وكذلك هي في قراءة عبد الله: "وإن كاد مكرهم" (١).

قلت: وكذا رُوي عن أبي بن كعب، وعمر بن الخطاب، ، أنهما قرآ: "وإن كاد"، كما قرأ علي. وكذا رواه سفيان الثوري، وإسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن أذنان (٢) عن علي، فذكر نحوه.

وكذا رُوي عن عكرمة أن سياق هذه القصة لنمرود ملك كنعان: أنه رام أسباب السماء بهذه الحيلة والمكر، كما رام ذلك بعده فرعون ملك القبط في بناء الصرح، فعجزا وضعفا. وهما أقل وأحقر، وأصغر وأدحر.

وذكر مجاهد هذه القصة عن بختنصر، وأنه لما انقطع بصره عن الأرض وأهلها، نودي أيها الطاغية: أين تريد؟ فَفَرق، ثم سمع الصوت فوقه فصوب الرماح، فصَوبت النسور، ففزعت الجبال من هدتها، وكادت الجبال أن تزول من حس (٣) ذلك، فذلك قوله: (وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ)

ونقل ابن جُريج (٤) عن مجاهد أنه قرأها: "لَتَزُولُ منه الجبال"، بفتح اللام الأولى، وضم (٥) الثانية.

وروى العوفي عن ابن عباس في قوله: (وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ) يقول: ما كان مكرهم لتزول منه الجبال. وكذا قال الحسن البصري، ووجهه ابن جرير بأن هذا الذي فعلوه بأنفسهم من كفرهم بالله وشركهم به، ما ضر ذلك شيئا من الجبال ولا غيرها، وإنما عاد وبال ذلك على أنفسهم.

قلت: ويشبه هذا إذا قوله تعالى: ﴿وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولا﴾ [الإسراء: ٣٧].

والقول الثاني في تفسيرها: ما رواه علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: (وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ) يقول شركهم، كقوله: ﴿تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا * أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا﴾ [مريم: ٩٠ - ٩١]، وهكذا قال الضحاك وقتادة.


(١) تفسير الطبري (١٣/ ١٦٠)، وصوب العصا: خفضها وأنزلها أ. هـ. مستفادا من حاشية الشعب.
(٢) في ت: "أرباب"، وفي أ: "أريان".
(٣) في ت: "من حين".
(٤) في أ: "ابن جرير".
(٥) في ت، أ: "ورفع".