للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا} وَهُوَ [مَا أَرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ] (١) الرِّيحِ الْعَقِيمِ [الَّتِي لَا تَمُرُّ بِشَيْءٍ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ] (٢) فَأَهْلَكَهُمُ اللَّهُ عَنْ آخِرِهِمْ، وَنَجَّى [مِنْ بَيْنِهِمْ رَسُولَهُمْ] (٣) هُودًا وَأَتْبَاعَهُ [الْمُؤْمِنِينَ] (٤) مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ بِرَحْمَتِهِ تَعَالَى وَلُطْفِهِ.

{وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ} [أَيْ] (٥) كَفَرُوا بِهَا، وعَصَوا رُسُلَ اللَّهِ، وَذَلِكَ أَنَّ مَنْ كَفَرَ بِنَبِيٍّ فَقَدْ كَفَرَ بِجَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ، لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ فِي وُجُوبِ الْإِيمَانِ بِهِ، فَعَادٌ كَفَرُوا بِهُودٍ، فَنَزَلَ كُفْرُهُمْ [بِهِ] (٦) مَنْزِلَةَ مَنْ كَفَرَ بِجَمِيعِ الرُّسُلِ، {وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ} تَرَكُوا اتِّبَاعَ رَسُولِهِمُ الرَّشِيدِ، وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ. فَلِهَذَا أُتْبِعُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً مِنَ اللَّهِ وَمِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ كُلَّمَا ذُكِرُوا وَيُنَادَى عَلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رُءُوسِ الْأَشْهَادِ (٧) ، {أَلا إِنَّ عَادًا كَفَرُوا رَبَّهُمْ [أَلا بُعْدًا لِعَادٍ قَوْمِ هُودٍ] } (٨) .

قَالَ السُّدِّي: مَا بُعث نَبِيٌّ بَعْدَ عَادٍ إِلَّا لُعِنُوا عَلَى لِسَانِهِ.

{وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الأرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ (٦١) }

يَقُولُ تَعَالَى: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا {إِلَى ثَمُودَ} وَهْمُ الَّذِينَ كَانُوا يَسْكُنُونَ (٩) مَدَائِنَ الْحِجْرِ بَيْنَ تَبُوكَ وَالْمَدِينَةِ، وَكَانُوا بَعْدَ عَادٍ، فَبَعَثَ اللَّهُ مِنْهُمْ (١٠) {أَخَاهُمْ صَالِحًا} فَأَمَرَهُمْ (١١) بِعِبَادَةِ اللَّهِ وَحْدَهُ [لَا شَرِيكَ لَهُ الْخَالِقِ الرَّازِقِ] (١٢) ؛ وَلِهَذَا قَالَ: {هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الأرْضِ} أَيِ: ابْتَدَأَ خَلْقَكُمْ مِنْهَا، [مِنَ الْأَرْضِ الَّتِي] (١٣) خَلَقَ مِنْهَا أَبَاكُمْ آدَمَ، {وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا} أَيْ: جَعَلَكُمْ [فِيهَا] (١٤) عُمَّارا تُعَمِّرُونَهَا وَتَسْتَغِلُّونَهَا، لِسَالِفِ ذُنُوبِكُمْ، {ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ} فِيمَا تَسْتَقْبِلُونَهُ؛ {إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ} كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} الآية [البقرة: ١٨٦] .

{قَالُوا يَا صَالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا أَتَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (٦٢) }


(١) زيادة من ت، أ.
(٢) زيادة من ت، أ.
(٣) زيادة من ت، أ.
(٤) زيادة من ت، أ.
(٥) زيادة من ت، أ.
(٦) زيادة من أ.
(٧) في ت: "عليهم على رءوس الخلائق يوم القيامة".
(٨) زيادة من ت، أ، وفي هـ: "الآية".
(٩) في ت: "يستكبرون".
(١٠) في ت، أ: "فيهم".
(١١) في أ: "فأمره".
(١٢) زيادة من أ.
(١٣) زيادة من ت، أ.
(١٤) زيادة من ت، أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>