للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بخير ولا بشيء (١)، ولا يقدر على شيء بالكلية، فلا مقال، ولا فعال، وهو مع هذا (كَلٌّ) أي: عيال وكلفة على مولاه، (أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ) أي: يبعثه (لا يَأْتِ بِخَيْرٍ) ولا ينجح مسعاه (هَلْ يَسْتَوِي) من هذه صفاته، (وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ) أي: بالقسط، فقاله حق وفعاله مستقيمة (٢) (وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) وبهذا قال السدي، وقتادة وعطاء الخراساني. واختار هذا القول ابن جرير.

وقال العوفي، عن ابن عباس: هو مثل للكافر والمؤمن أيضًا، كما تقدم.

وقال ابن جرير: حدثنا الحسن بن الصباح البزار، حدثنا يحيى بن إسحاق، السَّيْلحيني (٣)، حدثنا حماد، حدثنا عبد الله بن عثمان بن خُثَيْم (٤) عن إبراهيم، عن (٥) عِكْرِمة، عن يَعْلَى بن أمية، عن ابن عباس في قوله: ﴿ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا عَبْدًا مَمْلُوكًا لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ﴾ نزلت في رجل من قريش وعبده. وفي قوله: ([وَضَرَبَ اللَّهُ] مَثَلا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ [لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ]) (٦) (٧) إلى قوله: (وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) قال: هو عثمان بن عفان. قال: والأبكم الذي أينما يوجهه لا يأت بخير قال هو: مولى لعثمان بن عفان، كان عثمان ينفق عليه ويكفله (٨) ويكفيه المئونة، وكان الآخر يكره الإسلام ويأباه وينهاه عن الصدقة والمعروف، فنزلت فيهما (٩).

﴿وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٧٧) وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٧٨) أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلا اللَّهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٧٩)

يخبر تعالى عن كماله وقدرته على الأشياء، في علمه غيب السماوات والأرض، واختصاصه بذلك، فلا اطلاع لأحد على ذلك إلا أن يطلعه [الله] (١٠) تعالى على ما يشاء -وفي قدرته التامة (١١) التي لا تخالف ولا تمانع، وأنه إذا أراد شيئًا فإنما يقول له كن، فيكون، كما قال: ﴿وَمَا أَمْرُنَا إِلا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ﴾ [القمر: ٥٠] أي: فيكون ما يريد كطرف العين. وهكذا قال هاهنا: (وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) كما قال: ﴿مَا خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾ [لقمان: ٢٨].

ثم ذكر تعالى منَّتَه على عباده، في إخراجه (١٢) إياهم من بطون أمهاتهم لا يعلمون شيئًا، ثم بعد


(١) في ت، أ: " \ r\n ولا بشر".
(٢) في ت: "مستقيم".
(٣) في أ: "السلحييني".
(٤) في ت: "خيثم".
(٥) في ف: "ابن".
(٦) زيادة من ت، ف، أ.
(٧) زيادة من ت، ف، أ.
(٨) في ت، ف: \ r\n " ويكلفه".
(٩) تفسير الطبري (١٤/ ١٠١).
(١٠) زيادة من ت.
(١١) في ف: "العامة".
(١٢) في ت: "إخراجهم".