للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

معك؟ قال: محمد. فقيل: وقد بعث إليه؟ قال: قد بعث إليه. ففتح لنا، فإذا أنا بإبراهيم (١)، وإذا هو مستند إلى البيت المعمور، وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك ثم لا يعودون إليه.

ثم ذهب بي إلى سدرة المنتهى، فإذا ورقها كآذان الفيلة، وإذا ثمرها كالقلال. فلما غشيها من أمر الله ما غشيها تغيرت، فما أحد من خلق الله تعالى يستطيع أن يصفها من حسنها. قال: "فأوحى الله إليّ ما أوحى، وفرض عليّ في كل يوم وليلة خمسين صلاة، فنزلت حتى انتهيت إلى موسى". قال: "ما فرض ربك على أمّتك؟ (٢) قال: "قلت: خمسين صلاة في كل يوم وليلة". قال: ارجع (٣) إلى ربك فاسأله التخفيف؛ فإن أمتك لا تطيق ذلك، وإني قد بلوت بني إسرائيل وخبرتهم". قال (٤): " فرجعت إلى ربي، فقلت: أي رب، خفف عن أمّتي، فحطّ عني خمسًا. فرجعت إلى موسى فقال: ما فعلت؟ قلت: (٥) قد حطّ عني خمسًا". قال: "إن أمّتك لا تطيق ذلك، فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمّتك" قال: "فلم (٦) أزل أرجع بين ربي وبين موسى، ويحط عني خمسًا خمسًا حتى قال: يا محمد، هي خمس صلوات في كل يوم وليلة، بكل صلاة عشر، فتلك خمسون صلاة، ومن همّ بحسنة فلم يعملها كتبت [له] (٧) حسنة، فإن عملها كتبت عشرًا. ومن همّ بسيئة ولم يعملها لم تكتب، فإن عملها كتبت سيئة واحدة. فنزلت حتى انتهيت إلى موسى فأخبرته، فقال: ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمّتك، فإنّ أمّتك لا تطيق ذلك". فقال رسول الله : "لقد رجعت إلى ربي حتى استحييت".

ورواه مسلم عن شَيْبَان بن فَرُّوخ، عن حماد بن سلمة بهذا السياق (٨)، وهو أصح من سياق شَريك.

قال البيهقي: وفي هذا السياق دليل على أن المعراج كان ليلة أسري به، ، من مكة إلى بيت المقدس (٩). وهذا الذي قاله هو الحق الذي لا شك فيه ولا مرية.

وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن قتادة، عن أنس، ، أن النبي أتي بالبراق ليلة أسري به مُسْرَجًا ملجمًا ليركبه، فاستصعب عليه، فقال له جبريل: ما يحملك على هذا؟ فوالله ما ركبك قط أكرم على الله منه. قال: فارفضَّ عرقًا.

ورواه الترمذي عن إسحاق بن منصور، عن عبد الرزاق، وقال: غريب لا نعرفه إلا من حديثه (١٠).

وقال أحمد أيضًا: حدثنا أبو المغيرة، حدثنا صفوان، حدثني راشد بن سعد وعبد الرحمن بن جبير، عن أنس قال: قال رسول الله : "لما عرج بي ربي، ﷿، مررت بقوم لهم أظفار من نحاس، يخمشون وجوههم وصدورهم، فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون


(١) في ت: "بإبراهيم عليه وسلم" وفي ف: "بإبراهيم ".
(٢) في ت: "ما فرض عليك على أمتك".
(٣) في ت: "فارجع".
(٤) في أ: "ثم قال".
(٥) في ف، أ: "فقلت".
(٦) في ف: "فقال: لم".
(٧) في ف، أ: "كتبت له".
(٨) المسند (٣/ ١٤٨)، وصحيح مسلم برقم (١٦٢).
(٩) دلائل النبوة للبيهقي (٢/ ٣٨٥).
(١٠) المسند (٣/ ١٦٤) وسنن الترمذي برقم (٣١٣١).