للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ كُنَّا عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ فَتَحَدَّثَ بِحَدِيثٍ عَجِيبٍ، فَتَعَجَّبُ رَجُلٌ فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ فَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ [فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: بِئْسَ مَا قُلْتَ، اللَّهُ الْعَلِيمُ، وَهُوَ فَوْقَ كُلِّ عَالِمٍ] (١) وَكَذَا رَوَى سِمَاكٌ، عَنْ عِكْرِمة، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} قَالَ: يَكُونُ هَذَا أَعْلَمَ مِنْ هَذَا، وَهَذَا أَعْلَمَ مِنْ هَذَا، وَاللَّهُ فَوْقَ كُلِّ عَالِمٍ. وَهَكَذَا (٢) قَالَ عِكْرِمَةُ.

وَقَالَ قَتَادَةُ: {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} حَتَّى يَنْتَهِيَ الْعِلْمُ إِلَى اللَّهِ، مِنْهُ بُدئ وَتَعَلَّمَتِ الْعُلَمَاءُ، وَإِلَيْهِ يَعُودُ، وَفِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ "وَفَوْقَ كُلِّ عَالِمٍ عَلِيمٌ".

{قَالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ (٧٧) }

وَقَالَ (٣) إِخْوَةُ يُوسُفَ لَمَّا رَأَوُا الصُّوَاعَ قَدْ أُخْرِجَ مِنْ مَتَاعِ بِنْيَامِينَ: {إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ} يَتَنَصَّلُونَ إِلَى الْعَزِيزِ مِنَ التَّشَبُّهِ (٤) بِهِ، وَيَذْكُرُونَ أَنَّ هَذَا فَعَلَ كَمَا فَعَل أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ، يَعْنُونَ بِهِ يُوسُفَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ.

قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، عَنْ قَتَادَةَ (٥) كَانَ يُوسُفُ قَدْ سَرَقَ صَنَمًا لِجَدِّهِ، أَبِي أُمِّهِ، فَكَسَرَهُ.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي نَجِيح، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: كَانَ أَوَّلُ مَا دَخَلَ عَلَى يُوسُفَ مِنَ الْبَلَاءِ، فِيمَا بَلَغَنِي، أَنَّ عَمَّتَهُ ابْنَةَ إِسْحَاقَ، وَكَانَتْ أَكْبَرَ وَلَدِ إِسْحَاقَ، وَكَانَتْ إِلَيْهَا مِنْطَقَةُ إِسْحَاقَ، وَكَانُوا يَتَوَارَثُونَهَا بِالْكِبَرِ، فَكَانَ مَنِ اخْتَبَاهَا (٦) مِمَّنْ وَلِيَهَا كَانَ لَهُ سَلَما لَا يُنَازَعُ فِيهِ، يَصْنَعُ فِيهِ مَا يَشَاءُ (٧) وَكَانَ يَعْقُوبُ حِينَ ولُد لَهُ يُوسُفُ قَدْ حَضَنَتْهُ عَمَّتُهُ، فَكَانَ مِنْهَا وَإِلَيْهَا، فَلَمْ يُحب أحدٌ شَيْئًا مِنَ الْأَشْيَاءِ حُبَّهَا إِيَّاهُ، حَتَّى إِذَا تَرَعْرَعَ وَبَلَغَ سَنَوَاتٍ وَقَعَتْ نَفْسُ يَعْقُوبَ عَلَيْهِ فَأَتَاهَا، فَقَالَ: يَا أخيَّه (٨) سَلِّمِى إِلَيَّ يُوسُفَ، فَوَاللَّهِ مَا أَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَغِيبَ عَنِّي سَاعَةً. قَالَتْ: فَوَاللَّهِ مَا أَنَا بِتَارِكَتِهِ. ثُمَّ قَالَتْ: فَدَعْهُ عِنْدِي أَيَّامًا أَنْظُرُ إِلَيْهِ وَأَسْكُنُ عَنْهُ، لَعَلَّ ذَلِكَ يُسَلِّينِي عَنْهُ -أَوْ كَمَا قَالَتْ. فَلَمَّا خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا يَعْقُوبُ، عَمَدَتْ إِلَى مِنْطَقَةِ إِسْحَاقَ، فَحَزَمَتْهَا عَلَى يُوسُفَ مِنْ تَحْتِ ثِيَابِهِ، ثُمَّ قَالَتْ: فَقَدْتُ مِنْطَقَةَ إِسْحَاقَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَانْظُرُوا مَنْ أَخَذَهَا وَمَنْ أَصَابَهَا؟ فَالْتَمَسَتْ ثُمَّ قَالَتْ: اكْشِفُوا أَهْلَ الْبَيْتِ. فَكَشَفُوهُمْ فَوَجَدُوهَا مَعَ يُوسُفَ. فَقَالَتْ: وَاللَّهِ إِنَّهُ لِي لسَلَمٌ، أَصْنَعُ فِيهِ مَا شِئْتُ. فَأَتَاهَا يَعْقُوبُ فَأَخْبَرَتْهُ الْخَبَرَ. فَقَالَ لَهَا: أَنْتَ وَذَاكَ، إِنْ كَانَ فَعَلَ ذَلِكَ فَهُوَ سَلَم لَكِ مَا أَسْتَطِيعُ غَيْرَ ذَلِكَ. فَأَمْسَكَتْهُ فَمَا قَدَرَ عَلَيْهِ يَعْقُوبُ حَتَّى مَاتَتْ. قَالَ: فَهُوَ الَّذِي يَقُولُ إِخْوَةُ يُوسُفَ حِينَ صُنِعَ بِأَخِيهِ مَا صَنَعَ حِينَ أَخَذَهُ: {إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ} (٩) .


(١) زيادة من ت، أ.
(٢) في ت، أ: "وكذا".
(٣) في ت، أ: "فقال".
(٤) في أ: "الشبه".
(٥) في ت، أ: "وقتادة".
(٦) في أ: "اختانها".
(٧) في ت، أ: "ما شاء".
(٨) في ت، أ: "يا أخته".
(٩) رواه الطبري في تفسير (١٦/١٩٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>