للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قلت: ومن يعاتب؟ قال: يعاتب ربه فيك! قلت: فيرفع صوته على ربه؟! قال: إن الله [﷿] (١) قد عرف له حدته". قال: "ثم اندفعنا حتى مررنا بشجرة كأن ثمرها السُّرُج تحتها شيخ وعياله". قال: "فقال لي جبريل: اعمد إلى أبيك إبراهيم. فدفعنا إليه فسلمنا عليه فرد السلام، فقال إبراهيم: من هذا معك يا جبريل؟ قال: هذا ابنك أحمد". قال: "فقال: مرحبًا بالنبي الأمي الذي بلغ رسالة ربه ونصح لأمته، يا بني، إنك لاق ربك الليلة، وإن أمتك آخر الأمم وأضعفها، فإن استطعت أن تكون حاجتك أو جلها في أمتك فافعل". قال: "ثم اندفعنا حتى انتهينا إلى المسجد الأقصى، فنزلت فربطت الدابة بالحلقة التي في باب المسجد التي كانت الأنبياء تربط بها. ثم دخلت المسجد فعرفت النبيين من بين راكع وقائم وساجد". قال: "ثم أتيت بكأسين من عسل ولبن فأخذت اللبن فشربت فضرب جبريل منكبي وقال: أصبت الفطرة ورب محمد". قال: "ثم أقيمت الصلاة فأممتهم، ثم انصرفنا فأقبلنا" (٢).

إسناد غريب ولم يخرجوه، فيه من الغرائب (٣) سؤال الأنبياء عنه ابتداء، ثم سؤاله عنهم (٤) بعد انصرافه. والمشهور في الصحاح كما تقدم: أن جبريل [] (٥) كان يعلمه بهم أولا ليسلم عليهم سلام معرفة. وفيه (٦) أنه اجتمع بالأنبياء عليهم (٧) السلام قبل دخوله المسجد (٨)، والصحيح أنه إنما اجتمع بهم في السموات، ثم نزل إلى بيت المقدس ثانيًا وهم معه، وصلى بهم فيه، ثم إنه ركب البراق وكر راجعًا إلى مكة، والله أعلم.

طريق أخرى:

قال الإمام أحمد: حدثنا هُشَيم، أخبرنا العوام، عن جبلة بن سُحَيْم، عن مُوثَر (٩) بن عفارة، عن ابن مسعود عن النبي قال: "لقيت ليلة أسري بي إبراهيم وموسى وعيسى، فتذاكروا أمر الساعة" قال: "فردوا أمرهم إلى إبراهيم (١٠) فقال: لا علم لي بها. فردوا أمرهم إلى موسى. فقال: لا علم لي بها فردوا أمرهم إلى عيسى فقال: أما وجبتها فلا يعلم بها أحد إلا الله، ﷿، وفيما عهد إلي ربي أن الدجال خارج". قال: "ومعي قضيبان، فإذا رآني ذاب كما يذوب الرصاص". قال: "فيهلكه الله إذا رآني، حتى إن الحجر والشجر يقول: يا مسلم إن تحتي كافرًا، فتعال فاقتله". قال: "فيهلكهم الله، ثم يرجع الناس إلى بلادهم وأوطانهم (١١) ". قال: "فعند (١٢) ذلك يخرج يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون فيطؤون بلادهم، فلا يأتون على شيء إلا أهلكوه، ولا يمرون على ماء إلا شربوه" قال: "ثم يرجع الناس إليّ فيشكونهم. فأدعو الله عليهم، فيهلكهم ويميتهم حتى تجوى الأرض من نتن ريحهم -أي: تنتن" قال: "فينزل الله المطر فيجترف أجسادهم حتى يقذفهم في البحر. ففيما عهد إلي ربي: أن ذلك إذا كان كذلك أن الساعة كالحامل المتم، لا يدري أهلها متى تفجؤهم بولادها، ليلا أو نهارًا".

وأخرجه ابن ماجه، عن بُنْدار، عن يزيد بن هارون، عن العوام بن حوشب (١٣).


(١) زيادة من ف، أ.
(٢) جزء الحسن بن عرفة برقم (٦٩).
(٣) في ت، ف: "من الغرابة".
(٤) في ت: "ثم سؤالهم له".
(٥) زيادة من ف، أ.
(٦) في ف: "وقيل".
(٧) في ت: "عليه".
(٨) في ف، أ: "المسجد الأقصى".
(٩) في ت، ف: "مرثد".
(١٠) في ت: "".
(١١) في ت: "وأقطانهم".
(١٢) في ت: "فبعد".
(١٣) المسند (١/ ٣٧٥)، وسنن ابن ماجه برقم (٤٠٨١) وقال البوصري في الزوائد (٣/ ٢٦١): "هذا إسناد صحيح رجاله ثقات، مؤثر ابن عفارة ذكره ابن حبان في الثقات، وباقي رجال الإسناد ثقات".