للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثُمَّ زَادَهُمُ الدُّعَاءَ لَهُمْ بِالْمَغْفِرَةِ فَقَالَ: {يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}

قَالَ السُّدِّيُّ: اعْتَذَرُوا إِلَى يُوسُفَ، فَقَالَ: {لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ} يَقُولُ: لَا أَذْكُرُ لَكُمْ ذَنْبَكُمْ.

وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَالثَّوْرِيُّ: {لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ [الْيَوْمَ] } (١) أَيْ: لَا تَأْنِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ عِنْدِي فِيمَا صَنَعْتُمْ {يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ} أَيْ: يَسْتُرُ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْتُمْ، {وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}

{اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ (٩٣) وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لأجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلا أَنْ تُفَنِّدُونِ (٩٤) قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ (٩٥) }

يَقُولُ: اذْهَبُوا بِهَذَا الْقَمِيصِ، {فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا} وَكَانَ قَدْ عَميَ مِنْ كَثْرَةِ الْبُكَاءِ، {وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ} أَيْ: بِجَمِيعِ بَنِي يَعْقُوبَ.

{وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ} أَيْ: خَرَجَتْ مِنْ مِصْرَ، {قَالَ أَبُوهُمْ} يَعْنِي: يَعْقُوبَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، لِمَنْ بَقِيَ عِنْدَهُ مِنْ بَنِيهِ: {إِنِّي لأجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلا أَنْ تُفَنِّدُونِ} تَنْسِبُونِي إِلَى الفَنَد والكِبَر.

قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَنْبَأَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي سِنَان، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الهُذَيْل قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: {وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ} قَالَ: لَمَّا خَرَجَتِ الْعِيرُ، هَاجَتْ رِيحٌ فَجَاءَتْ يَعْقُوبَ بِرِيحِ قَمِيصِ يُوسُفَ فَقَالَ: {إِنِّي لأجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلا أَنْ تُفَنِّدُونِ} قَالَ: فَوَجَدَ رِيحَهُ مِنْ مَسِيرَةِ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ (٢) .

وَكَذَا رَوَاهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَشُعْبَةُ، وَغَيْرُهُمَا عَنْ أَبِي سِنَان، بِهِ.

وَقَالَ الْحَسَنُ وَابْنُ جُرَيْج: كَانَ بَيْنَهُمَا ثَمَانُونَ فَرْسَخًا، وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ مُنْذُ افْتَرَقَا ثَمَانُونَ سَنَةً.

وَقَوْلُهُ: {لَوْلا أَنْ تُفَنِّدُونِ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَعَطَاءٌ، وَقَتَادَةُ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْر: تُسَفّهون.

وَقَالَ مُجَاهِدٌ أَيْضًا، وَالْحَسَنُ: تُهرّمون.

وَقَوْلُهُمْ: {إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَفِي خَطَئِكَ الْقَدِيمِ.

وَقَالَ قَتَادَةُ: أَيْ مِنْ حُبِّ يُوسُفَ لَا تَنْسَاهُ وَلَا تَسَلَاهُ، قَالُوا لِوَالِدِهِمْ كَلِمَةً غَلِيظَةً، لَمْ يَكُنْ يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَقُولُوهَا لِوَالِدِهِمْ، وَلَا لِنَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (٣) وَكَذَا قَالَ السدي، وغيره.


(١) زيادة من ت، أ.
(٢) تفسير عبد الرزاق (١/٢٨٦) .
(٣) في أ: "عليه السلام".

<<  <  ج: ص:  >  >>