للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ميكائيل بثلاث طساس من ماء زمزم، فشرح صدره ونزع ما كان فيه من غل، وملأه حلمًا وعلمًا، وإيمانًا ويقينًا وإسلامًا، وختم بين كتفيه بخاتم النبوة.

ثم أتاه بفرس فحمل (١) عليه، كل خطوة منه منتهى بصره -أو: أقصى بصره-قال: فسار وسار معه جبريل عليهما (٢) السلام قال: فأتى على قوم يزرعون في يوم ويحصدون في يوم، كلما حصدوا عاد كما كان، فقال النبي (٣) : "يا جبريل، ما هذا؟ " قال: هؤلاء المجاهدون في سبيل الله، تضاعف لهم الحسنة بسبعمائة ضعف، وما أنفقوا من شيء فهو يخلفه، وهو خير الرازقين.

ثم أتى على قوم تُرضَخ رءوسهم بالصخر، كلما رُضخت عادت كما كانت، ولا يفتر عنهم من ذلك شيء، فقال: "ما هؤلاء يا جبريل؟ " قال: هؤلاء الذين تتثاقل رءوسهم عن الصلاة المكتوبة. ثم أتى على قوم على أقبالهم رقاع، وعلى أدبارهم رقاع يسرحون كما تسرح الإبل والنعم، ويأكلون الضريع والزقوم ورضف جهنم وحجارتها، قال (٤): " ما هؤلاء يا جبريل؟ " قال: هؤلاء الذين لا يؤدون صدقات أموالهم، وما ظلمهم الله شيئًا وما الله بظلام للعبيد.

ثم أتى على قوم بين أيديهم لحم نضيج في قدر (٥) ولحم آخر نيئ في قدر خبيث، فجعلوا يأكلون من النيئ الخبيث ويدعون النضيج الطيب، فقال: "ما هؤلاء يا جبريل؟ " فقال: هذا الرجل من أمتك، تكون عنده المرأة الحلال الطيبة، فيأتي امرأة خبيثة فيبيت عندها حتى يصبح، [والمرأة تقوم من عند زوجها حلالا طيبًا، فتأتي رجلا خبيثًا فتبيت معه حتى تصبح] (٦).

قال: ثم أتى على خشبة على الطريق، لا يمر بها ثوب إلا شقته، ولا شيء إلا خرقته، قال: "ما هذا يا جبريل؟ " قال: هذا مثل أقوام من أمتك، يقعدون على الطريق يقطعونه (٧) ثم تلا ﴿وَلا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ [وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ] (٨)[الأعراف: ٨٦].

قال: ثم أتى على رجل قد جمع (٩) حزمة [حطب] (١٠) عظيمة لا يستطيع حملها، وهو يزيد عليها، فقال: "ما هذا يا جبريل؟ " فقال (١١) هذا الرجل من أمتك يكون عليه أمانات الناس لا يقدر على أدائها وهو يريد أن يحمل عليها.

ثم أتى على قوم تقرض ألسنتهم وشفاههم بمقاريض من حديد كلما قرضت عادت كما كانت لا يفتر عنهم من ذلك شيء، قال: "ما هؤلاء يا جبريل؟ " قال: هؤلاء خطباء الفتنة.

ثم أتى على جحر صغير يخرج منه ثور عظيم، فجعل الثور يريد أن يرجع من [حيث] (١٢) خرج، فلا يستطيع، فقال: "ما هذا يا جبريل؟ " فقال: هذا الرجل يتكلم بالكلمة العظيمة ثم يندم عليها فلا يستطيع أن يردها.

ثم أتى على واد فوجد ريحًا طيبة باردة، وريح مسك، وسمع صوتًا، فقال: "يا جبريل، ما هذه (١٣) الريح الطيبة الباردة؟ وما هذا المسك؟ وما هذا الصوت؟ " قال: هذا صوت الجنة تقول: يا رب آتني ما وعدتني، فقد كثرت غرفي، وإستبرقي وحريري وسندسي، وعبقريي ولؤلؤي ومرجاني، وفضتي


(١) في ف، أ: "فحمله".
(٢) في ت، ف، أ: "عليه".
(٣) في ف: "فقال رسول الله".
(٤) في ف: "فقال".
(٥) في ت، ف: "قدور".
(٦) زيادة من ت، ف، أ، والطبري.
(٧) في ت، ف: "فيقطعونه".
(٨) زيادة من ف، أ.
(٩) في ت: "حمل".
(١٠) زيادة من ت، ف، أ، والطبري.
(١١) في ف: "قال".
(١٢) في ت، هـ: "موضع" والمثبت من الطبري.
(١٣) في ت، ف، أ: "ما هذا".