للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقد قال [عز شأنه] (١) (أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلا) وقد قال تعالى: ﴿وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلا فِتْنَةً لِلنَّاسِ﴾ [الإسراء: ٦٠] قال ابن عباس [] (٢) هي رؤيا عين أريها رسول الله [ليلة أسري به، والشجرة الملعونة: شجرة الزقوم] (٣) رواه البخاري. وقال تعالى: ﴿مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى﴾ [النجم: ١٧]، والبصر من آلات الذات لا الروح. وأيضًا فإنه حمل على البراق، وهو دابة بيضاء براقة لها لمعان، وإنما يكون هذا للبدن لا للروح؛ لأنها لا تحتاج في حركتها إلى مركب تركب (٤) عليه، والله أعلم.

وقال آخرون: بل أسري برسول الله بروحه لا بجسده. قال محمد بن إسحاق بن يسار في السيرة: حدثني يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس؛ أن معاوية بن أبي سفيان [] (٥) كان إذا سئل عن مسرى رسول الله قال: كانت رؤيا من الله صادقة.

وحدثني بعض آل أبي بكر أن عائشة كانت تقول: ما فقد جسد رسول الله ، ولكن أسري بروحه.

قال ابن إسحاق: فلم ينكر ذلك من قولها، لقول الحسن: إن هذه الآية نزلت ﴿وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلا فِتْنَةً لِلنَّاسِ﴾ ولقول (٦) الله في الخبر عن إبراهيم: ﴿إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى﴾ [الصافات: ١٠٢]، ثم مضى على ذلك. فعرفت أن الوحي يأتي للأنبياء من الله أيقاظًا ونياما.

فكان (٧) رسول الله يقول: "تنام عيناي، وقلبي يقظان" فالله أعلم أي ذلك كان قد جاءه، وعاين فيه من الله ما عاين، على أي حالاته كان، نائمًا أو يقظان، كل ذلك حق وصدق. انتهى كلام ابن إسحاق (٨).

وقد تعقبه أبو جعفر بن جرير في تفسيره بالرد والإنكار والتشنيع، بأن هذا خلاف (٩) ظاهر سياق القرآن، وذكر من الأدلة على رده بعض ما تقدم (١٠) والله أعلم.

فائدة حسنة جليلة:

روى الحافظ أبو نُعَيم الأصبهاني في كتاب "دلائل النبوة" من طريق محمد بن عمر الواقدي: حدثني مالك بن أبي الرجال، عن عمرو بن عبد الله، عن محمد بن كعب القرظي، قال: بعث رسول الله دَحْية بن خليفة إلى قيصر -فذكر وروده عليه وقدومه إليه. وفي السياق دلالة عظيمة على وُفُور عقل هرقل-ثم استدعى من بالشام من التجار، فجيء بأبي سفيان صخر بن حرب


(١) زيادة من ف، أ.
(٢) زيادة من ف، أ.
(٣) زيادة من ت، ف، أ.
(٤) في ف: "يركب".
(٥) زيادة من ف، أ.
(٦) في ف: "وكقول".
(٧) في ف: "وكان".
(٨) ذكره الطبري في تفسيره (١٥/ ١٣) بإسناده إلى ابن إسحاق.
(٩) في ف: "اختلاف".
(١٠) تفسير الطبري (١٥/ ١٣، ١٤)