للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وكليمه [] (١) أيضًا، فإنه تعالى كثيرًا ما يقرن بين ذكر موسى ومحمد (٢) وبين ذكر التوراة والقرآن؛ ولهذا قال بعد ذكر الإسراء: (وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ) يعني التوراة (وَجَعَلْنَاهُ) أي الكتاب (هُدًى) أي هاديًا (لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلا تَتَّخِذُوا) أي لئلا تتخذوا (مِنْ دُونِي وَكِيلا) أي وليًا ولا نصيرًا ولا معبودًا دوني؛ لأن الله تعالى أنزل على كل نبي أرسله (٣) أن يعبده وحده لا شريك له.

ثم قال: (ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ) تقديره: يا ذرية من حملنا مع نوح. فيه تهييج وتنبيه على المنة، أي: يا سلالة من نجينا فحملنا مع نوح في السفينة، تشبهوا بأبيكم، (إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا) فاذكروا أنتم نعمتي عليكم بإرسالي إليكم محمدًا . وقد ورد في الحديث وفي الأثر عن السلف: أن نوحًا، ، كان يحمد الله [تعالى] (٤) على طعامه وشرابه ولباسه وشأنه كله; فلهذا سمي عبدًا شكورًا.

قال: الطبراني حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا أبو نعيم، حدثنا سفيان، عن أبي حُصَين، عن عبد الله بن سنان، عن سعد بن مسعود الثقفي قال: إنما سمي نوح عبدًا شكورًا؛ لأنه كان إذا أكل أو شرب حمد الله (٥).

وقد قال الإمام أحمد: حدثنا أبو أسامة، حدثنا زكريا بن أبي زائدة، عن سعيد بن أبي بُرْدَة، عن أنس بن مالك، ، قال: قال رسول الله : "إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة أو يشرب الشربة فيحمد الله عليها".

وهكذا رواه مسلم والترمذي والنسائي من طريق أبي أسامة، به (٦).

وقال مالك، عن زيد بن أسلم: كان يحمد الله على كل حال.

وقد ذكر البخاري هنا حديث أبي زُرْعَة، عن أبي هريرة [] (٧)، عن النبي قال: "أنا سيد الناس يوم القيامة -بطوله، وفيه -: فيأتون نوحًا فيقولون: يا نوح، أنت (٨) أول الرسل إلى أهل الأرض، وقد سماك الله عبدًا شكورًا، اشفع لنا إلى ربك" وذكر الحديث بكماله (٩).


(١) زيادة من ف، أ.
(٢) في ت: "عليهما الصلاة والسلام". وفي ف، أ: "عليهما من الله الصلاة والسلام".
(٣) في ت: "أرسل".
(٤) زيادة من أ.
(٥) المعجم الكبير (٦/ ٣٢).
(٦) المسند (٣/ ١١٧)، وصحيح مسلم برقم (٢٧٣٤) وسنن الترمذي برقم (١٨١٦) وسنن النسائي الكبرى برقم (٦٨٩٩).
(٧) زيادة من ف، أ.
(٨) في ف، أ: " يا نوح، إنك أنت".
(٩) صحيح البخاري برقم (٤٧١٢).