للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النَّوْمِ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاقِفٌ بَيْنَ يَدَيْهِ يُشَفَّعُ فِي رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِهِ، فَقَالَ لَهُ: أَلَمْ يَكْفِكَ أَنِّي أَنْزَلْتُ عَلَيْكَ فِي سُورَةِ الرَّعْدِ: {وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ} ؟ قَالَ: ثُمَّ انْتَبَهْتُ. (١)

{وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا أُنزلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ (٧) }

يَقُولُ تَعَالَى إِخْبَارًا عَنِ الْمُشْرِكِينَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ كُفْرًا وَعِنَادًا: لَوْلَا يَأْتِينَا بِآيَةٍ مِنْ ربه كما أرسل الأولون، كما تعتنوا عَلَيْهِ أَنْ يَجْعَلَ لَهُمُ الصَّفَا ذَهَبَا، وَأَنْ يُزِيلَ (٢) عَنْهُمُ الْجِبَالَ، وَيَجْعَلَ مَكَانَهَا مُرُوجًا وَأَنْهَارًا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالآيَاتِ إِلا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الأوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلا تَخْوِيفًا} [الْإِسْرَاءِ: ٥٩] .

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ} أَيْ: إِنَّمَا عَلَيْكَ أَنْ تُبَلِّغَ رِسَالَةَ اللَّهِ الَّتِي أَمَرَكَ بِهَا، {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [الْبَقَرَةِ: ٢٧٢] .

وَقَوْلُهُ: {وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَيْ: وَلِكُلِّ قَوْمٍ دَاعٍ.

وَقَالَ الْعَوْفِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي تَفْسِيرِهِمَا: يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: أَنْتَ يَا مُحَمَّدُ مُنْذِرٌ، وَأَنَا هَادِي كُلَّ قَوْمٍ، وَكَذَا قَالَ مُجَاهِدٌ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَالضَّحَّاكُ.

وَعَنْ مُجَاهِدٍ: {وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} أَيْ: نَبِيٌّ. كَمَا قَالَ: {وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلا خَلا فِيهَا نَذِيرٌ} [فَاطِرٍ: ٢٤] وَبِهِ قَالَ قَتَادَةُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ.

وَقَالَ أَبُو صَالِحٍ، وَيَحْيَى بْنُ رَافِعٍ: {وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} أَيْ: قَائِدٍ.

وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: الْهَادِي: الْقَائِدُ، وَالْقَائِدُ: الْإِمَامُ، وَالْإِمَامُ: الْعَمَلُ.

وَعَنْ عِكْرِمة، وَأَبِي الضُّحَى: {وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} قَالَا هُوَ مُحَمَّدٍ [رَسُولِ اللَّهِ] (٣) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَقَالَ مَالِكٌ: {وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} مَنْ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ.

وَقَالَ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى الصُّوفِيُّ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُسْلِمٍ بَيَّاعٌ الْهَرَوِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} قَالَ: وَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ عَلَى صَدْرِهِ، وَقَالَ: "أَنَا الْمُنْذِرُ، وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ". وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى مَنْكِبِ عَلَيٍّ، فَقَالَ: "أَنْتَ الْهَادِي يَا عَلِيُّ، بِكَ يَهْتَدِي الْمُهْتَدُونَ مِنْ بَعْدِي".

وهذا الحديث فيه نكارة شديدة (٤) .


(١) تاريخ دمشق (٤/٤٧١) "المخطوط") .
(٢) في ت، أ: "يزيح".
(٣) زيادة من أ.
(٤) تفسير الطبري (١٦/٣٥٧) ، وقال الذهبي في ميزان الاعتدال (١/٤٨٤) بعد أن ساقه في ترجمة الحسن بن الحسين. "رواه ابْنُ جَرِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يحيى، عن الحسن، عن معاذ، ومعاذ نكرة، فلعل الآفة منه".

<<  <  ج: ص:  >  >>