ﷺ] (١).
"إن المؤمنين وأولادهم في الجنة، وإن المشركين وأولادهم في النار" ثم قرأ: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ [أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ] (٢)﴾ [الطور: ٢١] (٣).
وهذا حديث غريب؛ فإن محمد بن عثمان هذا مجهول الحال، وشيخه زاذان لم يدرك عليًا، والله أعلم.
وروى أبو داود من حديث ابن أبي زائدة، عن أبيه، عن الشعبي قال: قال رسول الله ﷺ: "الوائدة والموءودة في النار". ثم قال الشعبي: حدثني به علقمة، عن أبي وائل، عن ابن مسعود (٤).
وقد رواه جماعة عن داود بن أبي هند، عن الشعبي، عن علقمة، عن سلمة بن قيس الأشجعي قال: أتيت أنا وأخي النبي ﷺ فقلنا: إن أمنا ماتت في الجاهلية، وكانت تقري الضيف وتصل الرحم، وأنها وأدت أختًا لنا في الجاهلية لم تبلغ الحنث. فقال: "الوائدة والموءودة في النار، إلا أن تدرك الوائدة الإسلام، فتسلم". وهذا إسناد حسن (٥).
والقول الثالث: التوقف فيهم، واعتمدوا على قوله ﷺ: "الله أعلم بما كانوا عاملين". وهو في الصحيحين من حديث جعفر بن أبي إياس، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: سئل رسول الله ﷺ عن أولاد المشركين قال (٦): "الله أعلم بما كانوا عاملين" (٧) وكذلك هو في الصحيحين، من حديث الزهري، عن عطاء بن يزيد، وعن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ: أنه سئل عن أطفال المشركين، فقال: "الله أعلم بما كانوا عاملين" (٨).
ومنهم من جعلهم من أهل الأعراف. وهذا القول يرجع إلى قول من ذهب إلى أنهم من أهل الجنة؛ لأن الأعراف ليس دار قرار، ومآل أهلها إلى الجنة كما تقدم تقرير ذلك في "سورة الأعراف"، والله أعلم.
فصل
وليعلم أن هذا الخلاف مخصوص بأطفال المشركين، فأما ولدان المؤمنين فلا خلاف بين العلماء كما حكاه القاضي أبو يعلى بن الفرّاء الحنبلي، عن الإمام أحمد أنه قال: لا يختلف فيهم أنهم من أهل الجنة. وهذا هو المشهور بين الناس، وهو الذي نقطع (٩) به إن شاء الله، ﷿. فأما ما ذكره الشيخ أبو عمر بن عبد البر، عن بعض العلماء: أنهم توقفوا في ذلك، وأن الولدان كلهم تحت شيئة (١٠) الله، ﷿ (١١). قال أبو عمر: ذهب إلى هذا القول جماعة من أهل الفقه والحديث
(١) زيادة من ف، أ
(٢) زيادة من ف، أ.
(٣) زوائد المسند (١/ ١٣٤).
(٤) سنن أبي داود برقم (٤٧١٧).
(٥) أخرجه أحمد في مسنده (٣/ ٤٧٨) من طريق ابن أبي عدي، عن داود بن أبي هند به.
(٦) في ت، ف: "فقال".
(٧) صحيح البخاري برقم (١٣٨٣) وصحيح مسلم برقم (٢٦٦٠).
(٨) صحيح البخاري برقم (١٣٨٤) وصحيح مسلم برقم (٢٦٥٩)
(٩) في ف: "يقطع".
(١٠) في ت، ف، أ: "مشيئة".
(١١) في أ: "تعالى".