للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا (٩٦)

يقول تعالى مرشدًا نبيه إلى الحجة على قومه، في صدق ما جاءهم به: أنه شاهد عليّ وعليكم، عالم بما جئتكم به، فلو كنت كاذبًا [عليه] (١) انتقم مني أشد الانتقام، كما قال تعالى: ﴿وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ * لأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ﴾ [الحاقة: ٤٤ - ٤٦].

وقوله: (إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا) أي: عليم بهم بمن يستحق الإنعام والإحسان والهداية، ممن يستحق الشقاء والإضلال (٢) والإزاغة؛ ولهذا قال:

﴿وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا (٩٧)﴾.

يقول تعالى مخبرًا عن تصرفه في خلقه، ونفوذ حكمه، وأنه لا معقب له، بأنه من يهده فلا مضلّ له (وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِهِ) أي: يهدونهم، كما قال: ﴿مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا﴾ [الكهف: ١٧].

وقوله: (وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ) قال الإمام أحمد:

حدثنا ابن نمير، حدثنا إسماعيل عن نُفَيْع قال (٣): سمعت أنس بن مالك يقول: قيل: يا رسول الله، كيف يحشر (٤) الناس على وجوههم؟ قال: "الذي أمشاهم على أرجلهم قادر على أن يمشيهم على وجوههم". وأخرجاه في الصحيحين (٥).

وقال الإمام أحمد أيضًا: [حدثنا يزيد] (٦)، حدثنا الوليد بن جُمَيْع القرشي، عن أبيه، حدثنا أبو الطفيل عامر بن واثلة، عن حذيفة بن أسيد قال: قام أبو ذر فقال: يا بني غفار، قولوا ولا تحلفوا، فإن الصادق المصدوق حدثني: أن الناس يحشرون على ثلاثة أفواج: فوج راكبين طاعمين كاسين، وفوج (٧) يمشون ويسعون، وفوج تسحبهم الملائكة على وجوههم وتحشرهم إلى النار. فقال قائل منهم: هذان قد عرفناهما، فما بال الذين يمشون ويسعون (٨)؟ قال: يلقي الله، ﷿، الآفة على (٩) الظهر حتى لا يبقى ظهر، حتى إن الرجل لتكون له الحديقة المعجبة، فيعطيها بالشارف ذات القتب، فلا يقدر عليها (١٠).


(١) زيادة من أ.
(٢) في ت: "الضلال".
(٣) في ت: "نفيع كذا قال".
(٤) في ف: "تحشر".
(٥) المسند (٣/ ١٦٧) وصحيح البخاري برقم (٤٧٦٠) وصحيح مسلم برقم (٢٨٠٦).
(٦) زيادة من ت، ف، أ، والمسند.
(٧) في ف: "وقوم".
(٨) في ت: "ويسقون".
(٩) في ت: "الأئمة هل"، وفي ف: "الأئمة على".
(١٠) المسند (٥/ ١٦٤).