للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(وَلا تُخَافِتْ بِهَا) عن أصحابك فلا تسمعهم القرآن حتى يأخذوه عنك (وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا).

أخرجاه في الصحيحين من حديث أبي بشر جعفر بن إياس، به (١) وكذا روى (٢) الضحاك عن ابن عباس، وزاد: "فلما هاجر إلى المدينة، سقط ذلك، يفعل أيّ ذلك شاء" (٣).

وقال محمد بن إسحاق: حدثني داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: كان رسول الله إذا جهر بالقرآن وهو يصلي، تفرقوا عنه وأبوا أن يسمعوا منه، فكان الرجل إذا أراد أن يستمع (٤) من رسول الله بعض ما يتلو وهو يصلي، استرق السمع دونهم فرقًا منهم، فإن رأى أنهم قد عرفوا أنه يستمع (٥)، ذهب خشية أذاهم فلم يستمع (٦)، فإن خفض صوته (٧) لم يستمع الذين (٨) يستمعون من قراءته شيئًا، فأنزل الله (وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ) فيتفرقوا عنك (وَلا تُخَافِتْ بِهَا) فلا تُسمع من أراد أن يسمعها ممن يسترق ذلك دونهم، لعله يرعوي إلى بعض ما يسمع، فينتفع به (وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا)

وهكذا قال عكرمة، والحسن البصري، وقتادة: نزلت هذه الآية في القراءة في الصلاة.

وقال شعبة عن أشعث بن أبي سليم (٩) عن الأسود بن هلال، عن ابن مسعود: لم يُخافتْ بها مَنْ أسمع أذنيه.

قال ابن جرير: حدثنا يعقوب، حدثنا ابن عُلَيَّة، عن سلمة بن علقمة، عن محمد بن سيرين قال: نبئت أن أبا بكر كان إذا صلى فقرأ خفض صوته، وأن عمر كان يرفع صوته، فقيل لأبي بكر: لم تصنع هذا؟ قال: أناجي ربي، ﷿، وقد علم حاجتي. فقيل: أحسنت. وقيل لعمر: لم تصنع هذا؟ قال: أطرد الشيطان، وأوقظ الوَسْنَان. قيل أحسنت. فلما نزلت: (وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا) قيل لأبي بكر: ارفع شيئًا، وقيل لعمر: اخفض شيئًا (١٠).

وقال أشعث بن سَوَّار، عن عكرمة، عن ابن عباس: نزلت في الدعاء. وهكذا روى الثوري، ومالك، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة: نزلت في الدعاء. وكذا قال مجاهد، وسعيد بن جبير، وأبو عِياض، ومكحول، وعروة بن الزبير.

وقال الثوري عن [ابن] (١١) عياش العامري، عن عبد الله بن شداد قال: كان أعراب من بني تميم إذا سلم النبي (١٢) قالوا: اللهم ارزقنا إبلا وولدًا. قال: فنزلت هذه الآية: (وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا)


(١) المسند (١/ ٢٣) وصحيح البخاري برقم (٢٧٢٢) وصحيح مسلم برقم (٤٤٦).
(٢) في ف: "رواه".
(٣) رواه الطبري في تفسيره (١٥/ ١٢٣).
(٤) في ت، ف: "يسمع".
(٥) في ت، ف: "يسمع".
(٦) في ت: "يسمع".
(٧) في ف: "وإن خفض رسول الله صوته".
(٨) في ت: "ولم يسمع الذي".
(٩) في هـ، ت: "عن أبي سليم". والمثبت من الطبري
(١٠) تفسير الطبري (١٥/ ١٢٤).
(١١) زيادة من ف.
(١٢) في ف، أ: "رسول الله".