للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال عبد الرزاق: أنبأنا إسرائيل، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: القرآن أعلمه إلا حَنَانًا، والأواه، والرقيم.

وقال ابن جريج: أخبرني عمرو بن دينار، أنه سمع عكرمة يقول: قال ابن عباس: ما أدري ما الرقيم؟ أكتاب أم بنيان؟

وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: الرقيم: الكتاب. وقال سعيد بن جبير: [الرقيم] (١) لوح من حجارة، كتبوا فيه قصص أصحاب الكهف (٢) ثم وضعوه على باب الكهف.

وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: الرقيم: الكتاب. ثم قرأ: ﴿كِتَابٌ مَرْقُومٌ﴾ [المطففين: ٩]

وهذا هو الظاهر من الآية، وهو اختيار ابن جرير قال: "الرقيم" فعيل بمعنى (٣) مرقوم، كما يقال للمقتول: قتيل، وللمجروح: جريح. والله أعلم.

وقوله: (إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا) يخبر تعالى عن أولئك الفتية، الذين فروا بدينهم من قومهم لئلا يفتنوهم عنه، فَهَرَبوا منهم فَلَجَؤُوا إلى غار في جبل ليختفوا عن قومهم، فقالوا حين دخلوا سائلين من الله تعالى رحمته ولطفه بهم: (رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً) أي: هب لنا من عندك رحمة ترحمنا بها وتسترنا عن قومنا (وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا) أي: وقدر لنا من أمرنا هذا رشدا، أي: اجعل عاقبتنا رشدًا (٤) كما جاء في الحديث: "وما قضيت لنا من قضاء، فاجعل عاقبته رشدًا"، وفي المسند من حديث بُسْر بن أبي أرطاة، عن رسول الله أنه كان يدعو: "اللهم، أحسن عاقبتنا في الأمور كلها، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة".

وقوله: (فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا) أي: ألقينا عليهم النوم حين دخلوا إلى الكهف، فناموا سنين كثيرة (ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ) أي: من رقدتهم تلك، وخرج أحدهم بدراهم معه (٥) ليشتري لهم بها طعامًا يأكلونه، كما سيأتي بيانه وتفصيله؛ ولهذا قال: (ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ) أي: المختلفين فيهم (أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا) قيل: عددًا وقيل: غاية فإن الأمد الغاية كقوله (٦)

سَبَقَ الجَوَاد إذَا اسْتَولى على الأمَد.

﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى (١٣) وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا (١٤) هَؤُلاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْلا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا (١٥)


(١) زيادة من ف.
(٢) في أ: "أهل الكتاب".
(٣) في ت: "من".
(٤) في ت: "عاقبته رشد"، وفي ف، أ: "عاقبته رشدا".
(٥) في ف، أ: "معينة".
(٦) هو النابغة الذبيانى، والبيت في تفسير الطبرى (١٥/ ١٣٧).