للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

هو الذي نسيه، كقوله تعالى: ﴿يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ﴾ [الرحمن: ٢٢]، وإنما يخرج من (١) المالح في أحد القولين.

فلما ذهبا عن المكان الذي نسياه فيه مَرْحَلَةً (قَالَ) موسى (لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا [نَصَبًا] (٢)) أي: الذي جاوزا فيه المكان (نَصَبًا) يعني: تعبًا. قال: (أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ) قال قتادة: وقرأ ابن مسعود: [وما أنسانيه أن أذكره إلا الشيطان] (٣)، ولهذا قال: (وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ) أي: طريقه (فِي الْبَحْرِ عَجَبًا) (قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ) أي: هذا الذي نطلب (فَارْتَدَّا) أي: رجعا (عَلَى آثَارِهِمَا) أي: طريقهما (قَصَصًا) أي: يقصان أثر مشيهما، ويقفوان أثرهما.

(فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا) وهذا هو الخضر، ، كما دلت عليه الأحاديث الصحيحة عن رسول الله . بذلك قال البخاري:

حدثنا الحميدي، حدثنا سفيان، حدثنا عمرو بن دينار، أخبرني سعيد بن جبير قال: قلت لابن عباس: إن نوفًا البِكَالِيّ يزعم أن موسى صاحب الخضر ليس هو موسى صاحب بني إسرائيل. قال ابن عباس: كذب عَدُوّ الله، حدثنا أبي بن كعب، ، أنه سمع رسول الله يقول: "إن موسى قام خطيبًا في بني إسرائيل فَسُئل: أي الناس أعلم؟ قال: أنا. فعتب الله عليه إذ لم يَرُدّ العلم إليه، فأوحى الله إليه: إنّ لي عبدًا بمجمع البحرين هو أعلم منك. فقال موسى: يا رب، وكيف لي به؟ قال: تأخذ معك حوتًا، تجعله (٤) بمكتل، فحيثما فقدت الحوت فهو (٥) ثم. فأخذ حوتا، فجعله بمكتل (٦) ثم انطلق وانطلق معه بفتاه (٧) يُوشع بن نون عليهما (٨) السلام، حتى إذا أتيا الصخرة وضعا رؤوسهما فناما، واضطرب الحوت في المكتل، فخرج منه، فسقط في البحر واتخذ (٩) سبيله في البحر سربا، وأمسك الله عن الحوت جِريةَ الماء، فصار عليه مثل الطاق. فلما استيقظ نسي صاحبه أن يخبره بالحوت، فانطلقا بقية يومهما وليلتهما، حتى إذا كان من الغد قال موسى لفتاه: (آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا) ولم يجد موسى النَّصَب حتى جاوَزَا المكان الذي أمره الله به. قال له فتاه (١٠): (أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا) قال: "فكان للحوت سربًا ولموسى وفتاه عجبًا، فقال: (ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا). قال: "فرجعا (١١) يقصان أثرهما حتى انتهيا إلى الصخرة، فإذا رجل مُسجّى بثوب، فسلم عليه موسى، فقال الخَضِر: وَأنّى بأرضك السلام!. قال: أنا موسى. قال: موسى بني إسرائيل؟ قال: نعم، أتيتك لتعلمني مما عُلِّمت رشدا. ﴿قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا﴾، يا موسى إني على علم من علم الله علمنيه، لا تعلمه أنت، وأنت على علم من علم الله عَلَّمَكَه الله لا


(١) في ف، أ: "على".
(٢) زيادة من ف، أ.
(٣) زيادة من ف، أ، وفي هـ: "أن أذكره".
(٤) في أ: "فتجعله".
(٥) في أ: "منهم".
(٦) في ف: "في مكتل".
(٧) في ف: "فتاه".
(٨) في ت، ف: "عليه".
(٩) في ف: "فاتخذ".
(١٠) في ت: "قتادة" وهو خطأ.
(١١) في ف: "فرجعان".