للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أي: يحملهما حبه على متابعته على الكفر.

قال قتادة: قد فرح به أبواه حين ولد، وحزنا عليه حين قتل، ولو بقي كان فيه هلاكهما، فليرض (١) امرؤ بقضاء الله، فإن قضاء الله للمؤمن فيما يكره خير له من قضائه (٢) فيما يحب.

وصح في الحديث: "لا يقضي الله للمؤمن قضاء (٣) إلا كان خيرًا له". وقال تعالى: ﴿وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ﴾ [البقرة: ٢١٦].

وقوله [تعالى] (٤) فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا) أي: ولدًا أزكى من هذا، وهما أرحم به منه، قاله ابن جريج.

وقال قتادة: أبر بوالديه.

وقد تقدم أنهما بدلا جارية. وقيل لما قتله الخضر كانت أمه حاملا بغلام مسلم. قاله ابن جريح (٥)

﴿وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا (٨٢)﴾.

في هذه الآية دليل على إطلاق القرية على المدينة؛ لأنه قال أولا ﴿حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ﴾ [الكهف: ٧٧] وقال هاهنا: (فَكَانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ) كما قال تعالى: ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ﴾ [محمد: ١٣]، ﴿وَقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ﴾ [الزخرف: ٣١] يعني: مكة والطائف.

ومعنى الآية: أن هذا الجدار (٦) إنما أصلحه (٧) لأنه كان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما.

قال عكرمة، وقتادة، وغير واحد: كان تحته مال مدفون لهما. وهذا ظاهر السياق من الآية، وهو اختيار ابن جرير، .

وقال العوفي عن ابن عباس: كان تحته كنز علم. وكذا قال سعيد بن جبير، وقال مجاهد: صحف فيها علم، وقد ورد في حديث مرفوع ما يقوي ذلك، قال الحافظ أبو بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزار في مسنده المشهور: حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري، حدثنا بشر بن المنذر، حدثنا الحارث بن عبد الله الْيَحْصَبيّ عن عياش (٨) بن عباس القتباني (٩) عن ابن حُجَيرة (١٠)، عن


(١) في ت، ف، أ: "فرضي".
(٢) في ف: "من قضائه له".
(٣) في أ: "للمؤمنين قضاء".
(٤) زيادة من ت.
(٥) في ت: "ابن جرير".
(٦) في ت: "الجار".
(٧) في ف: "أصلحته".
(٨) في ت، ف، أ: "عباس".
(٩) في أ: "الغسانى".
(١٠) في هـ: "أبي حجيرة" والصواب ما أثبتناه من مسند البزار.