للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَكُلِّ سُوءٍ، وَأَنَّ الْمَلَائِكَةَ تُسَلِّمُ عَلَيْهِمْ وَتُبَشِّرُهُمْ (١) بِالْجَنَّةِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنزلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ} [فُصِّلَتْ: ٣٠ -٣٢] .

وَقَدْ قَدَّمْنَا الْأَحَادِيثَ الْوَارِدَةَ فِي قَبْضِ رُوحِ الْمُؤْمِنِ وَرُوحِ الْكَافِرِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ} [إِبْرَاهِيمَ: ٢٧] .

{هَلْ يَنْظُرُونَ إِلا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (٣٣) فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (٣٤) }

يَقُولُ تَعَالَى مُتَهَدِّدًا لِلْمُشْرِكِينَ عَلَى تَمَادِيهِمْ فِي الْبَاطِلِ وَاغْتِرَارِهِمْ بِالدُّنْيَا: هَلْ يَنْتَظِرُ هَؤُلَاءِ إِلَّا الْمَلَائِكَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بِقَبْضِ أَرْوَاحِهِمْ، قَالَهُ قَتَادَةُ.

{أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ} (٢) أَيْ: يَوْمُ الْقِيَامَةِ وَمَا يُعَايِنُونَهُ (٣) مِنَ الْأَهْوَالِ.

وَقَوْلُهُ: {كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} أَيْ: هَكَذَا تَمَادَى فِي شِرْكِهِمْ أَسْلَافُهُمْ وَنُظَرَاؤُهُمْ وَأَشْبَاهُهُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ حَتَّى (٤) ذَاقُوا بَأْسَ اللَّهِ، وَحَلُّوا فِيمَا هُمْ فِيهِ مِنَ الْعَذَابِ وَالنَّكَالِ. {وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ} ؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى أَعْذَرَ إِلَيْهِمْ، وَأَقَامَ حُجَجَهُ عَلَيْهِمْ بِإِرْسَالِ رُسُلِهِ وَإِنْزَالِ كُتُبِهِ، {وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} أَيْ: بِمُخَالَفَةِ الرُّسُلِ وَالتَّكْذِيبِ بِمَا جَاءُوا بِهِ، فَلِهَذَا أَصَابَتْهُمْ (٥) عُقُوبَةُ اللَّهِ عَلَى ذَلِكَ، {وَحَاقَ بِهِمْ} أَيْ: أَحَاطَ بِهِمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَلِيمِ {مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} أَيْ: يَسْخَرون مِنَ الرُّسُلِ إِذَا تَوَعَّدُوهُمْ بِعِقَابِ اللَّهِ؛ فَلِهَذَا يُقَالُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: {هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ} [الطُّورِ: ١٤] .


(١) في أ: "ويبشرونهم".
(٢) في أ: "أو يأتيهم" وهو خطأ.
(٣) في أ: "وما يعاينون".
(٤) في ت: "حين".
(٥) في ت، ف: "أصابهم".

<<  <  ج: ص:  >  >>