للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عينه في حياته؛ ولهذا قال: (وَكُلا جَعَلْنَا نَبِيًّا)، فلو لم يكن يعقوب قد نُبئ في حياة إبراهيم، لما اقتصر عليه، ولذكر ولده يوسف، فإنه نبي أيضًا كما قال رسول الله في الحديث المتفق على صحته، حين سئل عن خير الناس، فقال: "يوسف نبي الله، ابن يعقوب نبي الله، ابن إسحاق نبي الله، ابن إبراهيم خليل الله" (١) وفي اللفظ الآخر: "إن الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم: يوسفُ بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم" (٢)

وقوله: (وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا): قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: يعني الثناء الحسن. وكذا قال السدي، ومالك بن أنس.

وقال ابن جرير: إنما قال: (عَلِيًّا)؛ لأن جميع الملل والأديان يثنون عليهم ويمدحونهم، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.

﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولا نَبِيًّا (٥١)

لما ذكر تعالى إبراهيم الخليل وأثنى عليه، عطف بذكر الكليم، فقال: (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا) قرأ بعضهم بكسر اللام، من الإخلاص في العبادة.

قال الثوري (٣)، عن عبد العزيز بن رُفَيع (٤)، عن أبي لبابة (٥) قال: قال الحواريون: يا روح الله، أخبرنا عن المخلص لله. قال: الذي يعمل لله، لا يحب أن يحمده الناس.

وقرأ الآخرون (٦) بفتحها، بمعنى أنه كان مصطفى، كما قال تعالى: ﴿إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ﴾ [الأعراف: ١٤٤].

(وَكَانَ رَسُولا نَبِيًّا)، جُمِع له بين الوصفين، فإنه كان من المرسلين الكبار أولي (٧) العزم الخمسة، وهم: نوح وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ومحمد، صلوات الله وسلامه عليهم وعلى سائر الأنبياء أجمعين.

﴿وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا (٥٢) وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا (٥٣)﴾.

وقوله: (وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ) أي: الجبل (الأيْمَنِ) أي: من جانبه الأيمن من موسى حين ذهب يبتغي من تلك النار جذوة، رآها تلوح فقصدها، فوجدها في جانب الطور الأيمن منه (٨)، عند شاطئ الوادي. فكلمه الله تعالى، ناداه وقربه وناجاه (٩). قال ابن جرير: حدثنا ابن بشار (١٠)، حدثنا يحيى -هو القطان-حدثنا سفيان، عن عطاء بن السائب (١١)، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: (وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا) قال: أدني حتى سمع (١٢) صريف القلم.


(١) صحيح البخاري برقم (٣٣٧٤) وصحيح مسلم برقم (٢٣٧٨).
(٢) صحيح البخاري برقم (٤٦٨٨).
(٣) في أ: "قال العوفي".
(٤) في ت: "نفيع".
(٥) في ت: "تمامة".
(٦) في أ: "قرأ آخرون".
(٧) في ت: "وأولي".
(٨) في ت، ف، أ: "منه غربية".
(٩) في ت: "ناداه أو قربه فناجاه".
(١٠) في ت: "ابن يسار".
(١١) في ت: "ابن يساري"، وفي أ: "ابن يسار".
(١٢) في ت: "يسمع".