للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْإِمَامُ الَّذِي يُقْتَدَى بِهِ. وَالْقَانِتُ: هُوَ الْخَاشِعُ الْمُطِيعُ. وَالْحَنِيفُ: الْمُنْحَرِفُ قَصْدًا عَنِ الشِّرْكِ إِلَى التَّوْحِيدِ؛ وَلِهَذَا قَالَ: {وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}

قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْل، عَنْ مُسْلِمٍ البَطِين، عَنْ أَبِي الْعُبَيْدَيْنِ: أَنَّهُ سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ عَنِ الْأُمَّةِ الْقَانِتِ، فَقَالَ: الْأُمَّةُ: مُعَلِّمُ الْخَيْرِ، وَالْقَانِتُ: الْمُطِيعُ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ.

وَعَنْ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: الْأُمَّةُ الَّذِي يُعَلِّمُ النَّاسَ دِينَهُمْ.

وَقَالَ الْأَعْمَشُ، [عَنِ الْحَكَمِ] (١) عَنْ يَحْيَى بْنِ الْجَزَّارِ، عَنْ أَبِي العُبَيدين؛ أَنَّهُ جَاءَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ: مَنْ نَسْأَلُ إِذَا لَمْ نَسْأَلْكَ؟ فَكَأَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ رقَّ لَهُ، فَقَالَ: أَخْبِرْنِي عَنِ الْأُمَّةِ (٢) فَقَالَ: الَّذِي يُعَلِّمُ النَّاسَ الْخَيْرَ.

وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: حَدَّثَنِي فروَة بْنُ نَوْفَلٍ الْأَشْجَعِيُّ قَالَ: قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: إِنَّ مُعَاذًا كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: غَلِطَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، إِنَّمَا قَالَ اللَّهُ: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً} فَقَالَ: أَتَدْرِي مَا الْأُمَّةُ وَمَا الْقَانِتُ؟ قُلْتُ: اللَّهُ [وَرَسُولُهُ] (٣) أَعْلَمُ. قَالَ: الْأُمَّةُ الَّذِي يُعَلِّمُ [النَّاسَ] (٤) الْخَيْرَ. وَالْقَانِتُ: الْمُطِيعُ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ. وَكَذَلِكَ كَانَ مَعَاذٌ مُعَلِّمَ الْخَيْرِ. وَكَانَ مُطِيعًا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ.

وَقَدْ رُوِيَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ؛ حَرَّرَهُ ابْنُ جَرِيرٍ (٥) .

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {أُمَّةً} أَيْ: أُمَّةً وَحْدَهُ، وَالْقَانِتُ: الْمُطِيعُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ أَيْضًا: كَانَ إِبْرَاهِيمُ أُمَّةً، أَيْ: مُؤْمِنًا وَحْدَهُ، وَالنَّاسُ كُلُّهُمْ إِذْ ذَاكَ كُفَّارٌ.

وَقَالَ قَتَادَةُ: كَانَ إِمَامَ هُدى، وَالْقَانِتُ: الْمُطِيعُ لِلَّهِ.

وَقَوْلُهُ: {شَاكِرًا لأنْعُمِهِ} أَيْ: قَائِمًا بِشُكْرِ (٦) نِعَمِ اللَّهِ عَلَيْهِ، كَمَا قَالَ: {وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى} [النَّجْمِ: ٣٧] ، أَيْ: قَامَ بِجَمِيعِ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ.

وَقَوْلُهُ: {اجْتَبَاهُ} أَيِ: اخْتَارَهُ وَاصْطَفَاهُ، كَمَا قَالَ: {وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ} [الْأَنْبِيَاءِ: ٥١] .

ثُمَّ قَالَ: {وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} وَهُوَ عِبَادَةُ اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ عَلَى شَرْعٍ مَرْضِيٍّ.

وَقَوْلُهُ: {وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً} أَيْ: جَمَعْنَا لَهُ خَيْرَ الدُّنْيَا مِنْ جَمِيعِ مَا يَحْتَاجُ الْمُؤْمِنُ إِلَيْهِ فِي إِكْمَالِ حَيَاتِهِ الطَّيِّبَةِ، {وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ}

وَقَالَ مُجَاهِدٌ فِي قَوْلِهِ: {وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً} أي: لسان صدق.


(١) زيادة من ت، ف، أ، والطبري.
(٢) في ف، أ: "أمة".
(٣) زيادة من أ.
(٤) زياد من ف، أ.
(٥) تفسير الطبري (١٤/ ١٢٨، ١٢٩) .
(٦) في ت: "يشكر".

<<  <  ج: ص:  >  >>