للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[القاسم] (١) عن ابن جعفر، عن الربيع بن أنس قال: كان النبي إذا صلى قام على رجل ورفع الأخرى، فأنزل الله تعالى (طه)، يعني: طأ الأرض يا محمد، (مَا أَنزلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى). ثم قال: ولا خفاء بما في هذا من الإكرام وحسن (٢) المعاملة (٣).

وقوله (مَا أَنزلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى) قال جويبر، عن الضحاك: لما أنزل الله القرآن على رسوله، قام به هو وأصحابه، فقال المشركون من قريش: ما أنزل هذا القرآن على محمد إلا ليشقى! فأنزل الله تعالى: (طه * مَا أَنزلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى إِلا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى).

فليس الأمر كما زعمه المبطلون، بل من آتاه الله العلم فقد أراد به خيرًا كثيرًا، كما ثبت في الصحيحين، عن معاوية قال: قال رسول الله : "من يُرد الله به خيرًا يفقهه في الدين". (٤).

وما أحسن الحديث الذي رواه الحافظ أبو القاسم الطبراني في ذلك حيث قال:

حدثنا أحمد بن زهير، حدثنا العلاء بن سالم، حدثنا إبراهيم الطالقاني، حدثنا ابن المبارك، عن سفيان، عن سِمَاك بن حرب، عن ثعلبة بن الحكم قال: قال رسول الله : "يقول الله تعالى للعلماء يوم القيامة إذا قعد على كرسيه لقضاء عباده: إني لم أجعل علمي وحكمتي فيكم (٥) إلا وأنا أريد أن أغفر لكم على ما كان منكم، ولا أبالي" (٦).

إسناده جيد وثعلبة بن الحكم هذا [هو الليثي] (٧) ذكره أبو عمر في استيعابه، وقال: نزل البصرة، ثم تحول إلى الكوفة، وروى عنه سماك بن حرب (٨).

وقال مجاهد في قوله: (مَا أَنزلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى): هي كقوله: ﴿فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ﴾ [المزمل: ٢٠] وكانوا يعلقون الحبال بصدورهم في الصلاة.

وقال قتادة: (مَا أَنزلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى): لا والله ما جعله شقاء، ولكن جعله رحمة ونورًا، ودليلا إلى الجنة.

إِلا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى): إن الله أنزل كتابه، وبعث رسله (٩).

رحمة، رحم بها العباد، ليتذكر ذاكر، وينتفع رجل بما سمع من كتاب الله، وهو ذكر أنزل الله فيه حلاله وحرامه.

وقوله: (تَنزيلا مِمَّنْ خَلَقَ الأرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلا) (١٠) أي: هذا القرآن الذي جاءك يا محمد


(١) زيادة من ف، أ، والشفا.
(٢) في ف: "أو حسن"، وفي أ: "وأحسن".
(٣) الشفا بتعريف حقوق المصطفى (١/ ٢٦).
(٤) صحيح البخاري برقم (٧١) وصحيح مسلم برقم (١٠٣٧).
(٥) في ف: "علمي فيكم وحكمتي".
(٦) المعجم الكبير (٢/ ٨٤) وقال الهيثمي في المجمع (١/ ١٢٦): "رجاله موثقون".
(٧) زيادة من ف، أ.
(٨) الاستيعاب (١/ ٢٠٤).
(٩) في أ: "رسوله".
(١٠) في ف: "تنزيل".