للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحِبِهِ وَسَلَّمَ] (١)

تَفْسِيرُ سُورَةِ الْإِسْرَاءِ (٢)

وَهِيَ مَكِّيَّةٌ

قَالَ الْإِمَامُ [الْحَافِظُ الْمُتْقِنُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ] (٣) الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَزِيدَ، سَمِعْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ وَالْكَهْفِ وَمَرْيَمَ: إِنَّهُنَّ مِنَ الْعِتَاقِ الْأُوَلِ وَهُنَّ مِنْ تِلَادِي (٤) .

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ مَرْوَانَ، عَنْ أَبِي لُبَابَةَ، سَمِعَتْ عَائِشَةَ تَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ: مَا يُرِيدُ أَنْ يُفْطِرَ، وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ: مَا يُرِيدُ أَنْ يَصُومَ، وَكَانَ يَقْرَأُ كل ليلة " بني إسرائيل "، و " الزمر " (٥) .

بسم الله الرحمن الرحيم

{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (١) }

يُمَجِّدُ تَعَالَى نَفْسَهُ، وَيُعَظِّمُ شَأْنَهُ، لِقُدْرَتِهِ عَلَى مَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ أَحَدٌ سِوَاهُ، فَلَا إِلَهَ غَيْرُهُ {الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ} يَعْنِي مُحَمَّدًا، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ (٦) {لَيْلا} أَيْ فِي جُنْحِ اللَّيْلِ {مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} وَهُوَ مَسْجِدُ مَكَّةَ {إِلَى الْمَسْجِدِ الأقْصَى} وَهُوَ بَيْتُ الْمَقْدِسِ الَّذِي هُوَ إِيلِيَاءُ (٧) ، مَعْدِنُ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ لَدُنْ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ؛ وَلِهَذَا جُمِعُوا لَهُ هُنَالِكَ كُلُّهُمْ، فَأمّهم فِي مَحِلّتهم (٨) ، وَدَارِهِمْ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ هُوَ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ، وَالرَّئِيسُ الْمُقَدَّمُ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ.

وَقَوْلُهُ: {الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ} أَيْ: فِي الزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ {لِنُرِيَهُ} أَيْ: مُحَمَّدًا {مِنْ آيَاتِنَا} أَيْ: الْعِظَامُ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} [النَّجْمِ: ١٨] .

وَسَنَذْكُرُ مِنْ ذَلِكَ مَا وَرَدَتْ بِهِ السُّنَّةُ مِنَ الْأَحَادِيثِ عَنْهُ، صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَامُهُ.

وَقَوْلُهُ: {إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} أَيْ: السميع لأقوال عباده، مؤمنهم وكافرهم، مصدقهم


(١) زيادة من ت.
(٢) في ت، ف، أ: "سورة سبحان".
(٣) زيادة من ت، ف، أ.
(٤) صحيح البخاري برقم (٤٧٠٨) .
(٥) المسند (٦/١٨٩) ورواه ابن خزيمة في صحيحه برقم (١١٦٣) وقال: "إن كان أبو لبابة هذا يجوز الاحتجاج بخبره وفإني لا أعرفه بعدالة ولا حرج". وقد وثقه ابن معين.
(٦) في ف: "صلى الله عليه وسلم".
(٧) في ت، ف، أ: "بإيلياء"
(٨) في ت: "محلهم".

<<  <  ج: ص:  >  >>