للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وتتناثر (١) النجوم، وتذهب (٢) الشمس والقمر، وينادي مناد، فيتبع الناس الصوت [فيأتونه] (٣) فذلك قوله: (يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لا عِوَجَ لَهُ).

وقال قتادة: (لا عِوَجَ لَهُ) لا يميلون عنه.

وقال أبو صالح: (لا عِوَجَ لَهُ) لا عوج عنه.

وقوله: (وَخَشَعَتِ الأصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ): قال ابن عباس: سكنت: وكذا قال السدي.

(فَلا تَسْمَعُ إِلا هَمْسًا) قال سعيد بن جبير، عن ابن عباس: يعني: وطء الأقدام. وكذا قال عكرمة، ومجاهد، والضحاك، والربيع بن أنس، وقتادة، وابن زيد، وغيرهم.

وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: (فَلا تَسْمَعُ إِلا هَمْسًا): الصوت الخفي. وهو رواية عن عكرمة، والضحاك.

وقال سعيد بن جبير: (فَلا تَسْمَعُ إِلا هَمْسًا): الحديث، وسره، ووطء الأقدام. فقد جمع سعيد كلا القولين وهو محتمل، أما وطء الأقدام فالمراد سعي الناس إلى المحشر، وهو مشيهم في سكون وخضوع. وأما الكلام الخفي فقد يكون في حال دون حال، فقد قال تعالى: ﴿يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ﴾ [هود: ١٠٥].

﴿يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلا (١٠٩) يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا (١١٠) وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا (١١١) وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخَافُ ظُلْمًا وَلا هَضْمًا (١١٢)﴾.

يقول تعالى: (يَوْمَئِذٍ) أي: يوم القيامة (لا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ) أي: عنده (إِلا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلا) كقوله: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلا بِإِذْنِهِ﴾ [البقرة: ٢٥٥]، وقوله: ﴿وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى﴾ [النجم: ٢٦]، وقال: ﴿وَلا يَشْفَعُونَ إِلا لِمَنِ ارْتَضَى﴾ [الأنبياء: ٢٨] وقال: ﴿وَلا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ﴾ [سبأ: ٢٣]، وقال: ﴿يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا﴾ [النبأ: ٣٨].

وفي الصحيحين، من غير وجه، عن رسول الله وهو سيد ولد آدم، وأكرم الخلائق على الله ﷿ أنه قال: "آتي تحت العرش، وأخر (٤) لله ساجدًا، ويَفْتَح عليّ بمحامد لا أحصيها الآن، فيدعني (٥) ما شاء الله أن يدعني، ثم يقول: يا محمد، ارفع رأسك، وقل يسمع (٦) واشفع تشفع". قال: "فيحد لي حدًّا، فأدخلهم الجنة، ثم أعود"، فذكر أربع مرات، صلوات الله وسلامه عليه


(١) في ف: "ويتناثر".
(٢) في ف: "ويذهب".
(٣) زيادة من ف، أ.
(٤) في ف، أ: "فأخر".
(٥) في ف: "ويدعني".
(٦) في ف: "تسمع".