للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وهذا الحديث له طرق في الصحيحين، وغيرهما من المسانيد (١).

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا يونس بن عبد الأعلى، أخبرنا ابن وهب، أخبرني أنس بن عياض، عن الحارث بن أبي ذُبَابَ، عن يزيد بن هرمز قال: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله : "حَجَّ آدمُ وموسى عند ربهما، فحج آدم موسى، قال موسى: أنت الذي خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأسجد لك ملائكته، وأسكنك في جنته، ثم أهبطت الناس إلى الأرض بخطيئتك؟ قال آدم: أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالته وكلامه، وأعطاك الألواح فيها تبيان كل شيء، وقربك نَجِيًّا، فبكم وجدتَ الله كتب التوراة [قبل أن أخلق] (٢) قال موسى: بأربعين عامًا. قال آدم: فهل وجدتَ فيها (وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى) قال: نعم. قال: أفتلومني على أن عملتُ عملا كتب الله عليّ أن أعمله قبل أن يخلقني بأربعين سنة". قال رسول الله : "فحج آدم موسى".

قال الحارث: وحدثني عبد الرحمن بن هُرْمزُ بذلك، عن أبى هريرة، عن رسول الله . (٣).

﴿قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى (١٢٣) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (١٢٤) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا (١٢٥)

يقول تعالى لآدم وحواء وإبليس: اهبطوا منها جميعًا، أي: من الجنة كلكم. وقد بسطنا ذلك في سورة البقرة ﴿بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ﴾ قال: آدم وذريته، وإبليس وذريته.

وقوله: (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى) قال أبو العالية: الأنبياء والرسل والبيان.

(فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى) قال ابن عباس: لا يضل في الدنيا، ولا يشقى في الآخرة.

(وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي) أي: خالف أمري، وما أنزلته على رسولي، أعرض عنه وتناساه وأخذ من غيره هداه (فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا) أي: في الدنيا، فلا طمأنينة له، ولا انشراح لصدره، بل صدره [ضيق] (٤) حَرَج لضلاله، وإن تَنَعَّم ظاهره، ولبس ما شاء وأكل ما شاء، وسكن حيث شاء، فإن قلبه


(١) انظر: صحيح البخاري برقم (٤٧٣٦) وصحيح مسلم برقم (٢٦٥٢).
(٢) زيادة من ف، أ.
(٣) رواه مسلم في صحيحه برقم (٢٦٥٢) من طريق أنس بن عياض عن الحارث بن أبي ذياب عن يزيد بن هرمز وعبد الرحمن الأعرج عن أبي هريرة .
(٤) زيادة من ف، أ.