وقوله:(وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ) يعني: يوم القيامة، إذا وُجدت هذه الأهوال والزلازل والبلابل، أزفت الساعة واقتربت، فإذا كانت ووقعت قال الكافرون: ﴿هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ﴾ [القمر: ٨]. ولهذا قال تعالى:(فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا) أي: من شدة ما يشاهدونه من الأمور العظام: (يَا وَيْلَنَا) أي: يقولون: (يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا) أي: في الدنيا، (بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ)، يعترفون بظلمهم لأنفسهم، حيث لا ينفعهم ذلك.
يقول تعالى مخاطبا لأهل مكة من مشركي قريش، ومن دان بدينهم من عبدة الأصنام والأوثان:(إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ)، قال ابن عباس: أي وقودها، يعني كقوله: ﴿وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾ [التحريم: ٦].
وقال ابن عباس أيضا:(حَصَبُ جَهَنَّمَ) بمعنى: شجر جهنم. وفي رواية قال:(حَصَبُ جَهَنَّمَ) يعني: حطب جهنم، بالزنجية.
وقال مجاهد، وعكرمة، وقتادة: حطبها. وهي كذلك في قراءة علي وعائشة ﵄.
وقال الضحاك:(حَصَبُ جَهَنَّمَ) أي: ما يرمى به فيها.
وكذا قال غيره. والجميع قريب.
وقوله:(أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ) أي: داخلون.
(لَوْ كَانَ هَؤُلاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا) يعني: لو كانت هذه الأصنام والأنداد التي اتخذتموها من دون الله آلهة صحيحة لما وردوا النار، ولما دخلوها، (وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ) أي: العابدون ومعبوداتهم، كلهم فيها خالدون، (لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ)، كَمَا قَالَ: ﴿لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ﴾ [هود: ١٠٦]، والزفير: خروج أنفاسهم، والشهيق: ولوج أنفاسهم، (وَهُمْ فِيهَا لا يَسْمَعُونَ).
قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا علي بن محمد الطَّنَافِسيّ، حدثنا ابن فُضَيْل، حدثنا عبد الرحمن -يعني: المسعودي-عن أبيه قال: قال ابن مسعود: إذا بقي من يخلد في النار، جُعلوا في توابيت من نار، فيها مسامير من نار، فلا يَرَى أحد منهم أنه يعذب في النار غيره، ثم تلا