للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله: (وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ) يعني: يوم القيامة، إذا وُجدت هذه الأهوال والزلازل والبلابل، أزفت الساعة واقتربت، فإذا كانت ووقعت قال الكافرون: ﴿هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ﴾ [القمر: ٨]. ولهذا قال تعالى: (فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا) أي: من شدة ما يشاهدونه من الأمور العظام: (يَا وَيْلَنَا) أي: يقولون: (يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا) أي: في الدنيا، (بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ)، يعترفون بظلمهم لأنفسهم، حيث لا ينفعهم ذلك.

﴿إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ (٩٨) لَوْ كَانَ هَؤُلاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ (٩٩) لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لا يَسْمَعُونَ (١٠٠) إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ (١٠١)﴾.

يقول تعالى مخاطبا لأهل مكة من مشركي قريش، ومن دان بدينهم من عبدة الأصنام والأوثان: (إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ)، قال ابن عباس: أي وقودها، يعني كقوله: ﴿وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾ [التحريم: ٦].

وقال ابن عباس أيضا: (حَصَبُ جَهَنَّمَ) بمعنى: شجر جهنم. وفي رواية قال: (حَصَبُ جَهَنَّمَ) يعني: حطب جهنم، بالزنجية.

وقال مجاهد، وعكرمة، وقتادة: حطبها. وهي كذلك في قراءة علي وعائشة .

وقال الضحاك: (حَصَبُ جَهَنَّمَ) أي: ما يرمى به فيها.

وكذا قال غيره. والجميع قريب.

وقوله: (أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ) أي: داخلون.

(لَوْ كَانَ هَؤُلاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا) يعني: لو كانت هذه الأصنام والأنداد التي اتخذتموها من دون الله آلهة صحيحة لما وردوا النار، ولما دخلوها، (وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ) أي: العابدون ومعبوداتهم، كلهم فيها خالدون، (لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ)، كَمَا قَالَ: ﴿لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ﴾ [هود: ١٠٦]، والزفير: خروج أنفاسهم، والشهيق: ولوج أنفاسهم، (وَهُمْ فِيهَا لا يَسْمَعُونَ).

قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا علي بن محمد الطَّنَافِسيّ، حدثنا ابن فُضَيْل، حدثنا عبد الرحمن -يعني: المسعودي-عن أبيه قال: قال ابن مسعود: إذا بقي من يخلد في النار، جُعلوا في توابيت من نار، فيها مسامير من نار، فلا يَرَى أحد منهم أنه يعذب في النار غيره، ثم تلا