للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فهذا مطابق لما ذكرناه، وقال آخرون: بل نزلت استثناء من المعبودين، وخرج منهم عزير والمسيح، كما قال حجاج بن محمد الأعور، عن ابن جريج وعثمان بن عطاء، عن عطاء، عن ابن عباس: ﴿إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ﴾، ثم استثنى فقال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى﴾ فيقال (١): هم الملائكة، وعيسى، ونحو ذلك مما يعبد من دون الله ﷿. وكذا قال عكرمة، والحسن، وابن جريج (٢).

وقال الضحاك، عن ابن عباس في قوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى﴾ قال: نزلت في عيسى ابن مريم وعُزَير، .

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا الحسين بن عيسى بن مَيْسَرَة، حدثنا أبو زُهَير، حدثنا سعد بن طَرِيف، عن الأصبغ، عن عَليّ في قوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى﴾ قال: كل شيء يعبد من دون الله في النار إلا الشمس والقمر وعيسى ابن مريم. إسناده ضعيف.

وقال ابن أبي نَجِيح، عن مجاهد: ﴿أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ﴾، قال: عيسى، وعُزَيْر، والملائكة.

وقال الضحاك: عيسى، ومريم، والملائكة، والشمس، والقمر. وكذا روي عن سعيد بن جُبَيْر، وأبي صالح وغير واحد.

وقد روى ابن أبي حاتم في ذلك حديثا غريبًا جدا، فقال: حدثنا الفضل بن يعقوب الرُّخَّاني، حدثنا سعيد بن مسلمة بن عبد الملك، حدثنا الليث بن أبي سليم، عن مُغيث، عن أبي هريرة، عن النبي في قوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ﴾ قال: عيسى، وعُزَير، والملائكة (٣).

وذكر بعضهم قصة ابن الزِّبَعْرَى ومناظرةَ المشركين، قال أبو بكر بن مَرْدُويه:

حدثنا محمد بن علي بن سهل، حدثنا محمد بن حسن الأنماطي، حدثنا إبراهيم بن محمد بن عَرْعَرَةَ، حدثنا يزيد بن أبي حكيم، حدثنا الحكم -يعني: ابن أبان-عن عكرمة، عن ابن عباس قال: جاء عبد الله بن الزبعرى إلى النبي فقال: تزعم أن الله أنزل عليك هذه الآية: ﴿إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ﴾، فقال ابن الزبعرى: قد عُبدت الشمس والقمر والملائكة، وعُزَير وعيسى ابن مريم، كل هؤلاء في النار مع آلهتنا؟ فنزلت: ﴿وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ * وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلا جَدَلا (٤) بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ﴾، ثم نزلت: ﴿إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ﴾. رواه الحافظ أبو عبد الله في كتابه "الأحاديث المختارة".


(١) في ف: "فقال".
(٢) في ت: "وابن ماجه وابن جريج".
(٣) وفي إسناده سعيد بن مسلمة وشيخه ليث بن أبي سليم وهما ضعيفان.
(٤) في ت: "مثلا".