للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عن رجل من أسلَم، أن رسول الله قال: "يا بلال، أرحنا بالصلاة" (١).

وقال الإمام أحمد أيضًا؛ حدثنا عبد الرحمن بن مَهْدِي، حدثنا إسرائيل، عن عثمان بن المغيرة، عن سالم ابن أبي الجعد، أن محمد بن الحنفية قال: دخلت مع أبي على صهر لنا من الأنصار، فحَضَرت الصلاة، فقال: يا جارية، ائتني بوَضُوء لعلي أصلي فأستريح. فرآنا (٢) أنكرنا عليه ذلك (٣)، فقال: سمعت رسول الله يقول: "قم يا بلال، فأرحنا بالصلاة" (٤).

وقال (٥): (وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ) أي: عن الباطل، وهو يشمل: الشرك -كما قاله بعضهم-والمعاصي -كما قاله آخرون -وما لا فائدة فيه من الأقوال والأفعال، كما قال تعالى: ﴿وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا﴾ [الفرقان: ٧٢].

قال قتادة: أتاهم والله من أمر الله ما وقَذَهم عن ذلك.

وقوله: (وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ): الأكثرون على أن المراد بالزكاة هاهنا زكاة الأموال، مع أن هذه [الآية] (٦) مكية، وإنما فرضت الزكاة بالمدينة في سنة اثنتين من الهجرة. والظاهر أن التي فرضت بالمدينة إنما هي ذات النَّصَب والمقادير الخاصة، وإلا فالظاهر أن أصل الزكاة كان واجبًا بمكة، كما قال تعالى في سورة الأنعام، وهي مكية: ﴿وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾ [الأنعام: ١٤١].

وقد يحتمل أن يكون المراد بالزكاة هاهنا: زكاة النفس من الشرك والدنس، كقوله: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا﴾ [الشمس: ٩، ١٠]، وكقوله: ﴿وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ * الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ﴾ [فصلت: ٦، ٧]، على أحد القولين في تفسيرها.

وقد يحتمل أن يكون كلا الأمرين مرادا، وهو زكاة النفوس وزكاة الأموال؛ فإنه من جملة زكاة النفوس، والمؤمن الكامل هو الذي يتعاطى هذا وهذا، والله أعلم.

وقوله: (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ) أي: والذين قد حفظوا فروجهم من الحرام، فلا يقعون فيما نهاهم الله عنه من زنا أو لواط، ولا يقربون سوى أزواجهم التي أحلها الله لهم، وما ملكت أيمانهم من السراري، ومن تعاطى ما أحله الله له فلا لوم عليه ولا حرج؛ ولهذا (٧) قال: (فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ) أي: غير الأزواج والإماء، (فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ) أي: المعتدون.

وقال ابن جرير: حدثنا محمد بن بَشَّار، حدثنا عبد الأعلى، حدثنا سعيد، عن قتادة، أن امرأة


(١) المسند (٥/ ٣٦٤).
(٢) في ف، أ: "فرأى أنا".
(٣) في ف: "ذلك عليه".
(٤) المسند (٥/ ٣٧١).
(٥) في أ: "وقوله".
(٦) زيادة من ف، أ.
(٧) في ف: "فلهذا".