للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يُخْلَقُ، من نطفة الرجل ومن نطفة المرأة، فأما نطفة الرجل فنطفة غليظة منها العظم والعَصَب، وأما نطفة المرأة فنطفة رقيقة منها اللحم والدم" فقام اليهودي فقال: هكذا كان يقول من قبلك. (١)

وقال الإمام أحمد: حدثنا سفيان عن عمرو، عن أبي الطُّفَيْل، حُذَيْفَة بن أُسَيْد الغفاري قال: سمعتُ رسول الله يقول: "يدخل المَلك على النطفة بعد ما تستقر في الرحم بأربعين ليلة، فيقول: يا رب، ماذا؟ أشقي أم سعيد؟ أذكر أم أنثى؟ فيقول الله، فيكتبان (٢). فيقولان: ماذا؟ أذكر أم أنثى؟ فيقول الله ﷿، فيكتبان ويُكْتَبُ عمله، وأثره، ومصيبته، ورزقه، ثم تطوى الصحيفة، فلا يُزاد على ما فيها ولا ينقص".

وقد رواه مسلم في صحيحه، من حديث سفيان بن عيينة، عن عمرو -وهو ابن دينار-به (٣) نحوه. ومن طُرَق أخرَى، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة، عن حذيفة بن أسيد أبي سريحة (٤) الغفاري بنحوه، والله أعلم (٥).

وقال الحافظ أبو بكر البزار: حدثنا أحمد بن عبدة، حدثنا حماد بن زيد، حدثنا عبيد الله بن أبي بكر، عن أنس؛ أن رسول الله قال: "إن الله وكّل بالرحم مَلكًا فيقول: أي رب، نطفة. أيْ رب، علقة (٦) أي رب، مضغة. فإذا أراد الله خلقها قال: يا رب، ذكر أو أنثى؟ شقي أو سعيد؟ فما الرزق والأجل؟ " قال: "فذلك يكتب في بطن أمه".

أخرجاه في الصحيحين من حديث حماد بن زيد به (٧).

وقوله: (فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) يعني: حين ذكر قدرته ولطفه في خلق هذه النطفة من حال إلى حال، وشكل إلى شكل، حتى تصورت إلى ما صارت إليه من الإنسان السَّوِيّ الكامل الخلق، قال: (فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ)

قال ابن أبي حاتم: حدثنا يونس بن حبيب، حدثنا أبو داود، حدثنا حماد بن سلمة، حدثنا علي بن زيد، عن أنس، قال: قال عمر -يعني: ابن الخطاب : وافقت ربي ووافقني في أربع: نزلت هذه الآية: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ) الآية، قلت (٨) أنا: فتبارك الله أحسن الخالقين. فنزلت: (فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ)


(١) المسند (١/ ٤٦٥).
(٢) في ف: "ويكتبان".
(٣) المسند (٤/ ٦) وصحيح مسلم برقم (٢٦٤٤).
(٤) في أ: "سريح".
(٥) صحيح مسلم برقم (٢٦٤٥).
(٦) في ف: "فحلقه".
(٧) صحيح البخاري برقم (٣١٨) وصحيح مسلم برقم (٢٦٤٦).
(٨) في ف، أ: "الآية، فلما نزلت قلت".