للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الإلهية، فعبدوا غيره معه، مع اعترافهم أن الذين عبدوهم لا يخلقون شيئًا، ولا يملكون شيئًا، ولا يستبدّون بشيء، بل اعتقدوا أنهم يقربونهم إليه زلفى: ﴿مَا (١) نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى﴾ [الزمر: ٣]، فقال: (قُلْ لِمَنِ الأرْضُ وَمَنْ فِيهَا) أي: من مالكها الذي خلقها ومن (٢) فيها من الحيوانات والنباتات والثمرات، وسائر صنوف المخلوقات (إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ) أي: فيعترفون لك بأن ذلك لله وحده لا شريك له، فإذا كان ذلك (٣) (قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ) [أي: لا تذكرون] (٤) أنه لا تنبغي (٥) العبادة إلا للخالق الرازق (٦) لا لغيره.

(قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) أي: من هو خالق العالم العُلْوي بما فيه من الكواكب النيّرات، والملائكة الخاضعين له في سائر الأقطار منها والجهات، ومن هو رب العرش العظيم، يعني: الذي هو سقف المخلوقات، كما جاء في الحديث الذي رواه أبو داود، عن رسول الله أنه قال: "شأن الله أعظم من ذلك، إن (٧) عرشه على سمواته هكذا" وأشار بيده مثل القبة (٨).

وفي الحديث الآخر: "ما السموات السبع والأرضون السبع وما فيهن وما بينهن في الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة، وإن الكرسي بما فيه بالنسبة إلى العرش كتلك الحلقة في تلك الفلاة" (٩).

ولهذا قال بعض السلف: إن مسافة ما بين قطري العرش من جانب إلى جانب مسيرة خمسين ألف سنة، [وارتفاعه عن الأرض السابعة مسيرة خمسين ألف سنة] (١٠).

وقال الضحاك، عن ابن عباس: إنما سمي عرشًا لارتفاعه.

وقال الأعمش عن كعب الأحبار: إن السموات والأرض في العرش، كالقنديل المعلق بين السماء والأرض.

وقال مجاهد: ما السموات والأرض في العرش إلا كحلقة في أرض فَلاة.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا العلاء بن سالم، حدثنا وَكِيع، حدثنا (١١) سفيان الثوري، عن عمار الدُّهني (١٢)، عن مسلم البَطِين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: العرش لا يقدر أحد قدره. وفي رواية: إلا الله ﷿ (١٣).

وقال بعض السلف: العرش من ياقوتة حمراء.

ولهذا قال هاهنا: (وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) يعني: الكبير: وقال في آخر السورة: (رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ)


(١) في أ: "إنما" وهو خطأ
(٢) في ف، أ: "وما".
(٣) في ف، أ: "كذلك".
(٤) زيادة من ف، أ.
(٥) في أ: "يليق".
(٦) في ف: "الرزاق".
(٧) في ف: "لأن".
(٨) سنن أبي داود برقم (٤٧٢٦) عن حديث جبير بن مطعم .
(٩) رواه الطبري في تفسيره (٥/ ٣٩٩) من طريق ابن وهب عن ابن زيد عن أبيه عن أبي ذر ، وقد سبق من رواية ابن مردويه عند تفسير الآية: ٢ من سورة الرعد.
(١٠) زيادة من أ.
(١١) في أ: "عن".
(١٢) في أ: "الذهبي".
(١٣) ورواه ابن أبي شيبة في صفة العرش (ق ١١٤) والحاكم في المستدرك (٢/ ٢٨٢) من طريق الضحاك بن مخلد عن سفيان عن عمار الذهني به، وقال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه" وأقره الذهبي.