للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ (١١٧) وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (١١٨)﴾.

يقول تعالى متوعدا من أشرك به غيره، وعَبَدَ معه سواه، ومخبرًا أن من أشرك بالله (لا بُرْهَانَ لَهُ) أي: لا دليل له على قوله -فقال: (وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ)، وهذه جملة معترضة، وجواب الشرط في قوله: (فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ) أي: الله يحاسبه على ذلك.

ثم أخبر: (إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ) أي: لديه يوم القيامة، لا فلاح لهم ولا نجاة.

قال قتادة: ذكر لنا أن نبي الله قال لرجل: "ما تعبد؟ " قال: أعبد الله، وكذا وكذا-حتى عدّ أصناما، فقال رسول الله : "فأيّهم إذا أصابك ضُرٌّ فدعوتَه، كشفه عنك؟ ". قال: الله ﷿. قال: ["فأيّهم إذا كانت لك حاجة فدعوتَه أعطاكها؟ " قال: الله ﷿. قال] (١): "فما يحملك على أن تعبد هؤلاء معه؟ " قال: أردت شكره بعبادة هؤلاء معه أم حسبت أن يغلب عليه. فقال رسول الله : "تعلمون ولا يعلمون" قال (٢) الرجل بعد ما أسلم: لقيت رجلا خصمني.

هذا مرسل من هذا الوجه، وقد روى أبو عيسى الترمذي في جامعه مسندًا عن عمران بن الحُصَيْن، عن أبيه، عن رسول الله نحو ذلك (٣).

وقوله: (وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ) هذا إرشاد من الله إلى هذا الدعاء، فالغَفْرُ -إذا أطلِق-معناه محو الذنب وستره عن الناس، والرحمة معناها: أن يسدده ويوفقه في الأقوال والأفعال.

آخر تفسير سورة المؤمنون.


(١) زيادة من ف، أ.
(٢) في أ: "فقال".
(٣) سنن الترمذي برقم (٣٤٨٣) وقال: "هذا حديث غريب".