للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تفرد به البخاري دون مسلم، من طريق حُصَين (١) وقد رواه البخاري، عن موسى بن إسماعيل، عن أبي عَوَانة -وعن محمد بن سلام -، عن محمد بن فضيل، كلاهما عن حصين، به (٢) وفي لفظ أبي عوانة: حدثتني أم رومان. وهذا صريح في سماع مسروق منها، وقد أنكر ذلك جماعة من الحفاظ، منهم الخطيب البغدادي، وذلك لما ذكره أهل التاريخ أنها ماتت في زمن النبي ، قال الخطيب: وقد كان مسروق يرسله فيقول: "سئلت أم رومان"، ويسوقه، فلعل بعضهم كتب "سُئلت" بألف، فاعتقد الراوي أنها "سَألت"، فظنه متصلا. قال الخطيب: "وقد رواه البخاري كذلك، ولم تظهر (٣) له علته". كذا قال، والله أعلم.

فقوله: (إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإفْكِ) أي: بالكذب والبهت والافتراء، (عُصْبَةٌ) أي: جماعة منكم، (لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ) أي: يا آل أبي بكر (بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) أي: في الدنيا والآخرة، لسان صدق في الدنيا ورفعة منازل في الآخرة، وإظهار شرف لهم باعتناء الله بعائشة أم المؤمنين، حيث أنزل الله تعالى براءتها في القرآن العظيم الذي ﴿لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾ [فصلت: ٤٢] ولهذا لما دخل عليها ابن عباس، (٤) وهي في سياق الموت، قال لها: أبشري فإنك زوجة رسول الله ، وكان يحبك، ولم يتزوج بكرًا غيرك، وأنزل (٥) براءتك من السماء (٦).

وقال ابن جرير في تفسيره: حدثني محمد بن عثمان الواسطي، حدثنا جعفر بن عون، عن المعلى بن عرفان، عن محمد بن عبد الله بن جَحْش قال: تفاخَرَت عائشةُ وزينبُ، ، فقالت زينب: أنا التي نزل تزوُّجي [من السماء] (٧) قال: وقالت عائشة: أنا التي نزل عُذري في كتابه، حين حملني ابن المعطل على الراحلة. فقالت لها زينب: يا عائشة، ما قلت حين ركبتيها؟ قالت: قلت: حسبي الله ونعم الوكيل. قالت: قلت كلمة المؤمنين (٨).

وقوله: (لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الإثْمِ) أي: لكل من تكلم في هذه القضية ورَمَى أم المؤمنين عائشة، ، بشيء من الفاحشة، نصيب عظيم من العذاب.

(وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ) (٩) قيل: ابتدأ به. وقيل: الذي كان يجمعه ويستوشيه ويذيعه ويشيعه، (لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ) أي: على ذلك.

ثم الأكثرون على أن المراد بذلك إنما هو عبد الله بن أبي بن سَلُول -قبحه الله ولعنه -وهو الذي تقدم النص عليه في الحديث، وقال ذلك مجاهد وغير واحد.

وقيل: بل المراد به حسان بن ثابت، وهو قول غريب، ولولا أنه وقع في صحيح البخاري ما


(١) المسند (٦/ ٣٦٧) وصحيح البخاري برقم (٤٧٥١).
(٢) صحيح البخاري برقم (٤١٤٣) من رواية موسى بن إسماعيل، وبرقم (٣٣٨٨) من رواية محمد بن سلام.
(٣) في ف: "يظهر".
(٤) في ف: "عنها".
(٥) في ف: "ونزلت".
(٦) رواه البخاري في صحيحه برقم (٤٧٥٣).
(٧) زيادة من ف، أ.
(٨) تفسير الطبري (١٨/ ٧٠).
(٩) في ف، أ: "كبره منهم".