للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فانطلق إلى عمر بن الخطاب فقال: كاتبه. فأبى، فضربه بالدّرة، ويتلو عمر، : (فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا) (١)، فكاتبه (٢)

هكذا ذكره البخاري تعليقا (٣). ورواه عبد الرزاق: أخبرنا ابن جريج قال: قلت لعطاء: أواجب عليّ إذا علمت له مالا أن أكاتبه؟ قال: ما أراه إلا واجبًا. وقال عمرو (٤) بن دينار، قال: قلت لعطاء: أتأثره عن أحد؟ قال: لا (٥)

وقال ابن جرير: حدثنا محمد بن بَشَّار، حدثنا محمد بن بكر، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن أنس بن مالك: أن سيرين أراد أن يكاتبه، فتلكأ عليه، فقال له عمر: لتكاتِبَنَّه. إسناد صحيح (٦).

وقال سعيد بن منصور: حدثنا هُشَيْم بن جُوَيْبِر، عن الضحاك قال: هي عَزْمة.

وهذا هو القول القديم من قولي الشافعي، ، وذهب في الجديد إلى أنه لا يجب؛ لقوله : (٧) "لا يحلّ مال امرئ مسلم إلا بطيب من نفسه" (٨).

وقال ابن وهب: قال مالك: الأمر عندنا أنْ ليس على سيد العبد أن يكاتبه إذا سأله ذلك، ولم أسمع أحدًا من الأئمة أكره أحدًا على أن يكاتب عبده. قال مالك: وإنما ذلك أمر من الله، وإذن منه للناس، وليس بواجب.

وكذا قال الثوري، وأبو حنيفة، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وغيرهم. واختار ابن جرير قول الوجوب لظاهر الآية.

وقوله: (إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا)، قال بعضهم: أمانة. وقال بعضهم: صدقا. [وقال بعضهم: مالا] (٩) وقال بعضهم: حيلة وكسبا.

وروى أبو داود في كتاب المراسيل، عن يحيى بن أبي كثير قال: قال رسول الله : (فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا) قال: "إن علمتم فيهم حرفة، ولا ترسلوهم كَلا (١٠) على الناس".

وقوله: (وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُم) اختلف المفسرون فيه، فقال قائلون: معناه اطرحوا لهم من الكتابة بعضها، ثم قال بعضهم: مقدار الربع. وقيل: الثلث. وقيل: النصف. وقيل: جزء من الكتابة من غير واحد.

وقال آخرون: بل المراد من قوله: (وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ) هو النصيب الذي فرض الله لهم من أموال الزكوات. وهذا قول الحسن، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وأبيه، ومقاتل بن حيان. واختاره ابن جرير.


(١) في ف: "وكاتبوهم" وهو خطأ.
(٢) صحيح البخاري (٥/ ١٨٤) "فتح".
(٣) في أ: "معلقا".
(٤) في أ: "عمر".
(٥) ورواه الطبري في تفسيره (١٨/ ٩٨) من طريق عبد الرزاق به.
(٦) تفسير الطبري (١٨/ ٩٨).
(٧) في ف: "".
(٨) رواه أحمد في مسنده (٥/ ٧٢) من حديث عم أبي حرة الرقاشي، وفي (٥/ ٤٢٥) من حديث أبي حميد الساعدي، وفي (٣/ ٤٢٣) من حديث عمرو بن يثربي.
(٩) زيادة من ف، أ.
(١٠) في ف، أ: "كلايا".