للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تطوف بالبيت في غير جوار أحد، ولتفتحن كنوز كسرى بن هرمز". قلت: كسرى بن هرمز؟ قال: "نعم، كسرى بن هرمز، وليُبذَلَنّ المالُ حتى لا يقبله أحد". قال عدي بن حاتم: فهذه الظعينة تخرج من الحيرة فتطوف بالبيت في غير جوار أحد، ولقد كنت فيمن افتتح (١) كنوز كسرى بن هرمز، والذي نفسي بيده، لتكونن الثالثة؛ لأن رسول الله قد قالها (٢).

وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا سفيان، عن أبي سلمة، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، عن أبي بن كعب قال: قال رسول الله : "بشر هذه الأمة بالسَّناء والرفعة، والدين والنصر والتمكين في الأرض، فمن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا، لم يكن له في الآخرة نصيب" (٣).

وقوله: (يعبدونني لا يشركون بي شيئا) قال الإمام أحمد:

حدثنا عفان، حدثنا همام، حدثنا قتادة عن أنس، أن معاذ بن جبل حدثه قال: بينا (٤) أنا رديف رسول الله ليس بيني وبينه إلا آخرة الرَّحْل، قال: "يا معاذ قلت: لبيك يا رسول الله وسَعْديك. قال: ثم سار ساعة، ثم قال: "يا معاذ بن جبل قلت: لبيك يا رسول الله وسعديك. [ثم سار ساعة، ثم قال: "يا معاذ بن جبل قلت: لبيك يا رسول الله وسعديك"] (٥). قال: "هل تدري ما حق الله على العباد"؟ قلت: الله ورسوله أعلم. قال: " [فإن] (٦) حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا". قال: ثم سار ساعة. ثم قال: "يا معاذ بن جبل"، قلت: لبيك يا رسول الله وسعديك. قال: "فهل تدري ما حق العباد على الله إذا فعلوا ذلك"؟، قال: قلت: الله ورسوله أعلم. قال: "فإن حق العباد على الله أن لا يعذبهم".

أخرجاه في الصحيحين من حديث قتادة (٧).

وقوله: (وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) أي: فمن خرج عن طاعتي بعد ذلك، فقد فَسَقَ عن أمر ربه وكفى بذلك ذنبًا عظيما. فالصحابة، ، لما كانوا أقوم الناس بعد النبي بأوامر الله ﷿، وأطوعهم لله -كان نصرهم بحسبهم، وأظهروا كلمة الله في المشارق والمغارب، وأيدهم تأييدًا عظيما، وتحكموا في سائر العباد والبلاد. ولما قَصَّر الناس بعدهم في بعض الأوامر، نقص ظهورهم بحسبهم، ولكن قد ثبت في الصحيحين، من غير وجه، عن رسول الله أنه قال: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم إلى اليوم (٨) القيامة" وفي رواية: "حتى يأتي أمر الله، وهم كذلك (٩) ". وفي رواية: "حتى يقاتلوا الدجال". وفي رواية: "حتى ينزل عيسى ابن مريم وهم ظاهرون". وكل


(١) في أ: "فتح".
(٢) رواه البخاري في صحيحه برقم (٣٥٩٥).
(٣) المسند (٥/ ١٣٤).
(٤) في أ: "بينما".
(٥) زيادة من ف، أ، والمسند.
(٦) زيادة من ف، أ، والمسند.
(٧) المسند (٥/ ٢٤٢) وصحيح البخاري برقم (٥٩٦٧) وصحيح مسلم برقم (٣٠).
(٨) في ف، أ: "يوم".
(٩) في ف، أ: "على ذلك".